قال: فصاح عليهم، وقال: ليس لي في هذا نظر، قد صار النظر في هذا وشبهه، إلى عليّ بن عيسى، فامضوا إليه.
قال: فانصرف القوم؛ وسار خمس خطى أو نحوها، ثم وقف، وقال:
ردّوهم، فردّهم [٣٢] الرجّالة.
فقال لهم: كأنّي بكم، تمضون إلى عليّ بن عيسى، وتقولون: قد أحالنا الوزير عليك، وأجابنا، وأمّي إن كنت أجبتكم إلى هذا زانية، وأمكم إن قلتم هذا زانية، وأمّ علي بن عيسى إن أجابكم إلى هذا زانية «١» .
ثم سار متوجها إلى بستانه المعروف بالناعورة «٢» ليتنزه.
ومن ذلك: أنه كان يجتمع مع عليّ بن عيسى، في دار الخليفة، لما ضمن حامد في وزارته السواد، وصار عليّ بن عيسى مستوفيا عليه، ومطالبا له، فيتناظران في أمر المال، فيحتفيه «٣» . عليّ بن عيسى، بالحجّة، فيعدل هو به إلى السب والسفه، فيقول له عليّ بن عيسى: سلاما، سلاما.
يريد بذلك، قول الله تعالى:(وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ، قالُوا سَلاماً)
«٤» .
فلما كثر ذلك على حامد، قال له يوما عقيب سفه جرى عليه منه: كم تذكر سلامه الذي ينيك أختك أسماء «٥» ؟
فقام عليّ بن عيسى، وقال: ما بعد هذا شيء، وتجنّب مخاطبته بعد ذلك.
وقال لعليّ بن عيسى مرة بحضرة المقتدر: أنا والله، نكت هذا مرتين، وهو أمرد.