للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلام عليك، فإنّ أمير المؤمنين، يحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو، ويسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، صلّى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا.

أمّا بعد، فإن أفضل الأعمال قدرا، وأجملها ذكرا، وأكملها أجرا، ما كان للتقى جامعا، وللهدى تابعا، وللورى نافعا، وللبلوى رافعا.

وقد جعل الله- عزّ وجلّ- أمير المؤمنين، فيما استرعاه من أمور المسلمين، مؤثرا لما يرضيه، صابرا على ما يزلفه عنده ويحظيه، وما توفيق أمير المؤمنين إلّا بالله، عليه يتوكّل، وبه يستعين.

وقد عرفت حال السجزيّة والخرمية، الذين تغلبوا على كور فارس وكرمان، وأحدثوا الجور والعدوان، وأظهروا العتوّ والطغيان، وانتهكوا المحارم، وارتكبوا المظالم، حتى أنفذ أمير المؤمنين جيوشه إليهم، وتورّد «١» بها عليهم، فأزالهم وبدّدهم، وشتّتهم وأبادهم، بعد حروب تواصلت، ووقائع تتابعت، أحلّ الله بهم فيها سطوته [٤٨] ، وعجّل لهم نقمته، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وعظة للمستمعين، (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)

«٢» .

ولما محق الله أمر هؤلاء الكفار، وفرّق عدد أوباشهم الفجّار، وجد أمير المؤمنين، أفظع ما اخترعوه، وأشنع ما ابتدعوه، في مدّتهم التي طال أمدها، وعظم ضررها، تكملة اجتبوها بكور فارس، في سنّي غوايتهم، لمّا طالبوا أهلها بالخراج على أوفر عبرتهم «٣» ، من غير اقتصار به على