للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الساجي «١» ، فيجلس إليه، وربما سبقه، وجاء أبو يحيى، وجلسا يتحدّثان، ويجتمع إليهما أترابهما، وإخوانهما القدماء، فيستعملون من التخالع والانبساط في الحديث، والمزح، ما ليس بقليل.

ويجيء سعيد الصفّار، وكان يخلف أبا أميّة على البصرة، بقلنسوة عظيمة، وقميص، وخفّ، وطيلسان، فيسلّم عليه بالقضاء، ويشاوره في الأمور، فيقول له: قم عنّي، لا يجتمع عليّ الناس، لا تقطعني عن لذّتي بمحادثة إخواني القدماء، قم إلى مجلسك.

فيقوم سعيد، فيجلس بالبعد منه في الجامع، في موضع برسمه، ينظر بين الناس.

وما كان ذاك يغضّ من قدره عند الناس، وكانت سيرته أحسن سيرة، واستعمل من العفّة عن الأموال، ما لم يعهد مثله.

وكان ديوان وقوف البصرة إذ ذاك ببغداد، فإذا أراد أحد أربابها شيئا، خرجوا إلى بغداد حتى يوردوا الأمر فيه من الحضرة، فلحق الناس مشقّة، فنقل أبو أميّة ديوانها إلى البصرة، فكثر الدعاء له، وصارت سنّة، وبقي الديوان بالبصرة.

وكان- مع هذا- يتيه على ابن كنداج، وهو أمير البصرة «٢» ، ولا يركب إليه مرّة، إلا إذا جاءه ابن كنداج مرّة، ويعترض على ابن كنداج