للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فأنت تقول: إن الله تعالى ليس بجسم و [لا] عرض «١» ، ولم نر له مثلا، فبأيّ شيء أثبتّه؟.

وأنت تزعم: إنّ الناس في الجنّة يأكلون، ويشربون، ولا يتغوّطون، وأنت لم تر آكلا، شاربا، إلّا متغوّطا.

وأنت تقول: أنّ نعيم أهل الجنّة لا ينقضي، وأنت لم تر شيئا إلّا منقضيا.

قال: فقلت له: بالشاهد الحاضر، استدللت على ذلك كلّه.

أمّا الله تعالى، فإنّي استدللت عليه، بأفعاله الدالة عليه، [أنّه] لا مثل له، وفي الشاهد مثل ذلك، الروح التي فيك، وفي كل حيوان، نعلم أنّه يحسّ بها تحت كل شعرة منّا، ونحن لا ندري أين هي، ولا كيف هي؟

ولا ما صفتها، ولا جوهرها، ثم نرى الإنسان من الناس، يموت إذا خرجت، ولا يحسّ بشيء، وإنّما استدللت عليها بأفعالها، وبحركاتها، وتصرّفنا، بكونها فينا.

وأمّا قولك: إنّ أهل الجنّة لا يتغوّطون، مع الأكل، فالشاهد لا يمنع ذلك، ألا تعلم أنّ الجنين يغتذي في بطن أمّه، ولا يتغوّط.

وأما [٥٨] قولك: إنّ نعيم أهل الجنّة، لا ينقضي مع أنّ أوله موجود، فإنّا نجد أنفسنا نبتدىء الحساب بالواحد، ثم لو أردنا أن لا ينقضي إلى ما لا نهاية له، لم نزل نكرره، وأعداده، وتضعيفه، إلى ما لا انقضاء له.

قال: ففتح لي الباب، وأحسن ضيافتي.