للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يتقبّل ذلك القاسم، وكتب الرقعة المشهورة إلى المكتفي «١» .

قال: فدخلنا عليه في الليلة التي ولي فيها الوزارة، إثر موت القاسم، ولم يكن خلع عليه، ودخل ابن فراس مهنئا له، فجلس في أخريات الناس.

وتشاغل العباس، بتقليب ثياب السواد، وقد جاءوه بها، ليختار منها ما يقطع له، فيلبسه من غد، في دخوله إلى الخليفة، قبل الخلع، حتى يبرّكه هناك، ويلبس الخلع فوقه.

وكان الرسم إذ ذاك، أن لا يصل أحد إلى الخليفة، في يوم موكب إلّا بسواد.

قال: فلمّا اختار العباس ما يريده من الثياب، أقبل علينا، وقال معرّضا بابن فراس: لعن الله أهل الحسد والشرّ، سعى قوم على دمي، عند وليّ الدولة، وقالوا له: إنّي قد سعيت في الوزارة، وإنّي قد قطعت السواد منذ أيام كثيرة، وهذا بحضرتكم، على غير تواطؤ، هو ذا أقلّب ثيابا، ليقطع منها سواد لي.

فقام ابن فراس قائما، وقال: قد حضرني، أطال الله بقاء الوزير، بيتان في هذا المعنى، فإن أذن الوزير- أيّده الله- أنشدتهما.

فاستحيا العبّاس، وقال: بحياتي، اجلس، وأنشد.

فجلس، وقال:

تنحّ عن القبيح ولا ترده ... ومن أوليته حسنا فزده

ستكفى من عدوّك كل كيد ... إذا كاد العدوّ ولم تكده [٦١]