فقال ابن سريج، لابن داود: يا أبا بكر، أعزّك الله، هذا قول من المسلمين تقدّمكم؟
فاستشاط أبو بكر من ذلك، وقال: أتقدّر أنّ من اعتقدت أنّ قولهم إجماع في هذه المسألة، إجماع عندي؟ أحسن أحوالهم أن أعدّه خلافا، وهيهات أن يكون كذلك.
فغضب ابن سريج، وقال له: أنت يا أبا بكر، بكتاب الزهرة «١» أمهر منك في هذه الطريقة.
فقال أبو بكر [٧٥] : بكتاب الزهرة تعيّرني؟ والله ما تحسن تستتم قراءته، قراءة من يفهم، وإنّه لمن إحدى المناقب، إذ كنت أقول فيه:
أكرّر في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محرّما
وينطق سرّي عن مترجم خاطري ... فلولا اختلاسي ردّه لتكلّما
رأيت الهوى دعوى من الناس كلّهم ... فما إن أرى حبّا صحيحا مسلّما
فقال القاضي أبو العباس بن سريج: أعليّ تفتخر بهذا القول، وأنا الذي أقول:
ومسامر «٢» بالغنج من لحظاته ... قد بتّ أمنعه لذيذ سناته
حبّا «٣» بحسن حديثه وعتابه ... وأكرّر اللحظات في وجناته
حتى إذا ما الصبح لاح عموده ... ولّى بخاتم ربّه وبراته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute