للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا أنفذتها بالمتاع لأعرف قيمته، ولئلا يراني الناس أبيع شيئا بدون قيمته، فلم تعرّضتم لها؟

فقال: ما علمنا ذلك، ورسمنا- كما تعلم- لا نبيع شيئا، إلّا بمعرفة، ولما طالبناها بذلك اضطربت، فخشينا أن تكون لصّة.

فقلت له: أريد الجوهر الساعة، فجاءني به، فلما رأيته عرفته، وكنت أنا اشتريته لأبي الجيش بخمسة آلاف دينار.

فأخذته منهم، وصرفتهم.

وأقامت المرأة في داري، ونقلت ابنتها إليّ، وأخرجت الجوهر، فألّفته عقودا، وعرضته، وتلطفت لها في بيعه بأوفر الأثمان، فحصل لها منه أكثر من خمسين ألف دينار.

فابتعت لها بذلك ضياعا وعقارا ومسكنا، فهي تعيش به وولدها، إلى الآن.

فنظرت، فإذا الجوهر لمّا كان معها بلا صديق، كان حجرا، بل كان سببا لمكروه يجري عليها، وقد رشت على الخلاص منه دنانير، ولما وجدت صديقا يعينها، حصّل لها منه هذا المال الجليل.

فالصديق أفضل العقد «١» .

فقال ابن الفرات: أجدت يا أبا عبد الله.

ثم قال لنا: الناس ينسبون هذا الرجل إلى الغفلة، وقد سمعتم ما يقول، فكيف يكون مثل هذا مغفّلا «٢» ؟