فأمّا إذا كان ليس بينكما أكثر من المعرفة فالضرر معها بالثقة، لأن كل مكروه يلحقك، إذا حصّلته، كان ممن يعرفك ويقصدك به على علم بك، فأمّا الضرر ممن لا تعرفه، فبعيد جدا، مثل لصوص يقطعون عليك الطريق، غرضهم [١٥٦ ب] أخذ المال منك، أو من غيرك، وما يجري هذا المجرى، وعلى أنّ أشد الضرر من اللصوص، ما وقع عن تعيين، وعلى معرفة بالإنسان.
فمهما أمكن للعاقل أن يقلّ من المعارف، واجتلاب من يسمى أخا في هذا الزمان، فليفعل، وليعلم أنّه قد أقلّ من الأعداء، وكلما استكثر منهم، فقد استكثر من الأعداء.
وكأنّ ابن الرومي «١» جمع هذا [المعنى]«٢» ، فقال:
عدوّك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرنّ من الصحاب
فإنّ الداء أقتل ما تراه ... يكون «٣» من الطعام أو الشراب