فقال: لا والله، ما أدري، ولكن تعال حتى نسأل عنهم [٢٠٥ ط] ، ونقصدهم، ونستخبر منهم من أين لهم ذلك.
قال: فكنّا أيّاما، نسأل عنهم، وعن حلّتهم من البلد، فلا نخبر.
إلى أن أخبرونا بنزول حلة «١» من بني أسد بباب حرب «٢» ، فقصدناهم.
فقلنا: هل فيكم من يبصر الزجر؟
فقالوا: أجل، ثلاثة إخوة في آخر الحيّ، يعرفون ببني العائف، ودلّونا على أخبيتهم.
فجئنا، فصادفنا أصحابنا بأعيانهم، ولم يعرفونا، فأخبرناهم بما سمعناه منهم، وسألناهم عنه.
فقالوا: إنّا، وغيرنا من العرب، نعرف نعيبا للغراب بعينه، لا ينعبه في موضع إلّا مات ساكنه، مجربا على قديم السنين في البوادي، لا يخطئونه، ورأينا ذلك الغراب، نعب ذلك النعيب الذي نعرفه.
[فقلنا للآخر: كيف قلت إنّه يموت بعد ثلاثة أيّام؟
قال: كان ينعب ثلاثا متتابعات ثم يسكت، ثم ينعب ثلاثا على هذا، فحكمت بذلك] «٣» .
فقلت للآخر: وكيف قلت إنّه يدفن في داره؟
قال: رأيت الغراب يحفر الحائط بمنقاره ورجليه، ويحثو على نفسه التراب، فقلت «٤» : إنّه يدفن في داره.