للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشممت شيئا، لم أدر ما [٩٣] هو، لا يشبه الندّ، ولا العود، ولا شيئا طيّبا نتبخّر به، ما شممت مثله قط.

فقلت: يحقّ لهذا أن يوصيني به الملك بما وصّى.

فقال: اصبر، حتى أريك منه أعجب ممّا رأيت.

ودعى بطشت وماء، فأحضرهما، وأمر بغسل المنديل بالصابون، فغسل بين يديه، ثم أمر بأن يجفف في الشمس، ويحضر.

قال: ففعل.

ثم قال: شمّه.

فشممت الرائحة بعينها، لم تتغيّر، ولا نقصت.

فأعاد الغسل بالصابون، والتجفيف، دفعات تقارب العشرة، إلى أن انقطعت الرائحة في الأخيرة.

فهالني ذلك.

فقال: اعرف الآن قدر ما معك، واعلم أنّه ليس في خزائن ملوك الهند كلّها، من هذا، رطل واحد، غير ما أعطيتك، وعرّف صاحبك فضيلته.

قال: فودعته، وانصرفت.

ورزق الله السلامة، ودخلت على المتوكّل، فسرّ بقدومي، وأكرمني، وسلّمت إليه الهدايا، فحسن موقعها منه، وأعدت عليه أكثر حديثي مع الملك، إلى أن بلغت خبر النصف رطل عود، وأخرجته، فسلّمته إليه، ولم أشرح [٩٤] له خبر الخرقة. فاستحمق الرجل، كما استحمقته، فقصصت عليه الشرح، وأخرجت المجمرة، والنار، وخرقة، وفعلت كما فعل الملك، فهاله ذلك، أمرا عظيما، وسرّ به سرورا شديدا، وقال: هذا النصف رطل بسفرتك.