عليها [١٣٣] ، ولعلّي أنا، إن أكلت شيئا منها، تلفت، فأستريح ممّا أنا فيه.
فقلت لبعضهم: أطعمني من هذه الحيّات، فرمى إليّ بواحدة، فيها أرطال، مشوية، فأكلتها بأسرها، وأمعنت، طلبا للموت، فأخذني نوم عظيم، وانتبهت، وقد عرقت عرقا عظيما، واندفعت طبيعتي، فقمت في بقيّة يومي وليلتي، أكثر من مائتي مجلس، إلى أن سقطت طريحا، والطبع يجري، فقلت: هذا طريقي إلى الموت، فأقبلت أتشهّد، وأدعو بالمغفرة.
فلما أضاء الصبح، تأمّلت بطني، وإذا هي قد ضمرت جدا، وزال عنها ما كان بها، فقلت: أيش ينفعني هذا، وأنا ميت؟
فلما أضحى النهار، انقطع القيام، ووجبت الظهر، فلم أحس بقيام، وجعت، فجئت لأزحف على العادة، فوجدت نفسي خفيفا، وقوّتي صالحة، فتحاملت، وقمت، ومشيت، وطلبت منهم مأكولا، فأطعموني، فقويت، فبتّ تلك اللّيلة الثانية معافى، ما أنكرت شيئا من أمري.
فأقمت أيّاما، إلى أن وثقت من نفسي، بأنّي إن مشيت نجوت، فأخذت الطريق مع بعضهم [١٣٤] ، إلى أن صرت على المحجّة «١» ، ثم سلكتها منزلا، منزلا، إلى الكوفة مشيا.