تعالى:{الطلاق مرتان}، ثم قال:{فلا جناح عليهما فيما افتدت به}، ثم قال:{فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}[البقرة: ٢٣٠]، فذكر تطليقتين، والخلع، وتطليقة بعدها، فلو كان الخلع طلاقًا لكان أربعًا، واحتج بذلك ابن عباس رضي الله عنهما [عبدالرزاق ١١٧٧١]، ولأن الخلع فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته، فكانت فسخًا كسائر الفسوخ.
وأما ما روي عن عثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم من أنه طلقة بائنة بكل حال [عبدالرزاق ٦/ ٤٨١ وما بعدها]؛ فقد ضعفه أحمد، وقال:(ليس لنا في الباب شيء أصحَّ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسخ).
(وَ) الأمر الثاني: أن يكون (بِلَفْظِ) صريحِ (طَلَاقٍ، أَوْ نِيَّتِهِ) أي: نية الطلاق، (أَوْ كِنَايَتِهِ) أي: كناية الطلاق وقصده به الطلاق: فهو (طَلْقَةٌ)؛ لأنه نوى الطلاق، وتكون (بَائِنَةً)؛ لقوله تعالى:{فلا جناح عليهما فيما افتدت به}[البقرة: ٢٢٩]، وإنما يكون فداء إذا خرجت من قبضته وسلطانه، ولو لم يكن بائنًا لملك الرجعة، وكانت تحت حكمه وقبضته، ولأن القصد إزالة الضرر عنها، فلو جازت الرجعة لعاد الضرر.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام، وجعله قول قدماء أصحاب أحمد: أنه خلع ولو كان بلفظ الطلاق وكنايته؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما:«كُلُّ شَيْءٍ أَجَازَهُ المَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ»[عبدالرزاق ١١٧٧٠]، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق في امرأة ثابت بن قيس:«اقْبَلِ الحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً»، فذكر الطلاق في