وعنه، واختاره شيخ الإسلام: تجب النفقة على ذوي الأرحام؛ لقوله تعالى:(وآت ذا القربى حقه)، ومن حقهم النفقة عليهم، ولأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حلف أن لا ينفق على مِسْطَح بن أُثاثة في حادثة الإفك [البخاري: ٢٦٦١، ومسلم: ٢٧٧٠]، وكانت أم مسطح بنت خالة أبي بكر، وقد جعله الله من ذوي القربى الذين نهى عن ترك إيتائهم فقال تعالى:(وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى)[النور: ٢٢]، والنهي يقتضي التحريم، فإذا لم يجز الحلف على ترك الفعل، كان الفعل واجبًا؛ لأن الحلف على ترك الجائز جائز.
الشرط الثاني: فقر المنفَق عليه، وأشار إليه بقوله:(مَعَ فَقْرِ مَنْ تَجِبُ لَهُ) النفقة، (وَعَجْزِهِ عَنْ كَسْبٍ)؛ لأنَّ النفقة إنما تجب على سبيل المواساة، والغنيُّ بملْكِهِ أو قدرته على التَّكسب مُستغنٍ عن المواساة.
الشرط الثالث: غِنى المنفِق، وأشار إليه بقوله:(إِذَا كَانَتْ) النفقة (فَاضِلَةً عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ) أي: نفس المنفِق، (وَ) قوت (زَوْجَتِهِ، وَرَقِيقِهِ، يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ)، وكسوة وسكنى لهم، من حاصل بيده، أو متحصل من صناعة، أو تجارة، أو نحوه؛ لأن وجوب النفقة على سبيل المواساة، وهي لا تجب مع الحاجة، (كَفِطْرَةٍ) أي: قياسًا على زكاة الفطر.