(وَ) الشرط الثالث: (ثُبُوتُهُ) أي: الزنى، ولا يثبت إلا بأحد أمرين:
الأول:(بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ عُدُولٍ)، ولو متفرقين واحدًا بعد واحدٍ، (فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) يشهدون (بِزِنًى وَاحِدٍ، مَعَ وَصْفِهِ)؛ لقوله تعالى:{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} الآية [النور: ٤]، وقوله:{فاستشهدوا عليهن أربعة منكم}[النساء: ١٥].
وعُلِم من كلامه: أنه يشترط لثبوت الزنى بالشهود شروط:
١ - العدد، فلابد أن يكونوا أربعة؛ وهو محل إجماع؛ لظاهر الآية السابقة، فإن امتنع بعضهم، أو لم يكملها؛ لم يُحدَّ.
٢ - أن يكونوا رجالًا؛ لأن الأربعة اسم لعدد الذكور، ولأن في شهادة النساء شبهة؛ لتطرق الاحتمال إليهن.
٣ - أن يكونوا عدولًا؛ كسائر الشهادات.
٤ - أن تكون الشهادة منهم في مجلس واحد، سواء كانوا متفرقين أو مجتمعين؛ لقول ابن المسيب رحمه الله:«شَهِدَ عَلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَى، وَنَكَلَ زِيَادٌ، فَحَدَّ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ»[عبد الرزاق: ١٣٥٦٤، وعلقه البخاري بصيغة الجزم ٣/ ١٧٠]، ولولا اعتبار اتحاد المجلس لم يحدهم؛ لاحتمال أن يكملوا برابع في مجلس آخر، ولا ينافيه كون المجلس لم يذكر في الآية؛ لأن العدالة أيضًا لم تذكر، ووصف الزنى لم يذكر فيها، مع اعتبارهما بدليل آخر.