- فرع:(وَ) يحرم على القاضي قبول (هَدِيَّةٍ)؛ لحديث أبي حُميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا على صدقات بني سليم، يُدعى ابن اللُّتْبِيَّة، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا» ثم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ»، ثم رفع يده حتى رُئي بياضُ إبْطِه، يقول:«اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»[البخاري: ٦٩٧٩، ومسلم: ١٨٣٢]، ولأن القصد بها غالبًا استمالة الحاكم ليعتني به في الحكم، فتشبه الرشوة.
- فرع: تحرم الهدية للقاضي، إلا إذا توفر شرطان:
الشرط الأول: إذا كانت الهدية ممن يهادي القاضي قبل ولايته؛ لأنها لم تكن من أجل الولاية؛ لوجود سببها قبلها، بدليل وجودها قبل الولاية.
أما إذا كانت (مِنْ غَيْرِ مَنْ كَانَ يُهَادِيهِ) أي: القاضي (قَبْلَ وِلَايَتِهِ)؛ لم يجز له أخذها؛ لأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها؛ ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه، فلم يجز قبولها؛ كالرشوة.