والثاني:(وَإِلَّا) يمكنِ استئذان الراهن لنحو غَيْبَة، لم يخلُ من ثلاث أحوال:
١ - إن نوى الرجوع:(رَجَعَ) على الراهن؛ لأنه قام عنه بواجب، وهو محتاج إليه لحرمة حقه، ولو لم يستأذن الحاكم؛ لاحتياجه لحراسة حقه، ويرجع (بِالأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَهُ) على الرهن، (وَنَفَقَةِ مِثْلِهِ إِنْ نَوَاهُ) أي: نوى الرجوع، فإن كانت نفقة مثله خمسة، وأنفق أربعة، رجع بالأربعة؛ لأنها التي أنفقها، وإن كانت بالعكس رجع أيضاً بالأربعة؛ لأن الزائد على نفقة المثل تبرع.
٢ - إن نوى التبرع: لم يرجع؛ لأنه لا يجوز أن يرجع في تبرعه؛ لحديث عمر رضي الله عنه قال: حملتُ على فرس عتيق في سبيل الله، فأضاعه صاحبه، فظننت أنه بائعه برخص، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:«لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»[البخاري: ٢٩٧١، ومسلم: ١٦٢٠].
٣ - إن لم ينو شيئاً: لم يرجع أيضاً؛ لأنه يكون متبرعاً.
واختار شيخ الإسلام: له الرجوع ما لم ينو التبرع، سواء عَجَزَ عن استئذانه أو لم يَعْجِزْ؛ لقوله تعالى:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف)، فأوجب ذلك عليه ولم يشترط عقداً ولا إذناً.