الأمر الأول: أن يكون مما لا يتعدى نفعه؛ كصلاته لنفسه، وحجه عن نفسه، وأداء زكاة نفسه؛ فلا يجوز أخذ المال عليه، أجرةً كان أو جعالةً أو رزقاً؛ لأن الأجر عوض الانتفاع، ولم يحصل لغيره ههنا انتفاع، فأشبه إجارة الأعيان التي لا نفع فيها.
الأمر الثاني: أن يكون مما يتعدى نفعه؛ كالنيابة في الحج، والعمرة، والأذان، والإقامة والإمامة، وتعليم قرآن وفقه حديث، فعلى أربعة أقسام:
١ - أن يكون رزقًا من بيت المال: فيجوز أخذ المال عليه، قال شيخ الإسلام:(بلا نزاع)؛ لحديث أبي محذورة رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ صُرَّةً فِيهَا شَيْءٌ مِنْ فِضَّةٍ لمَّا أَذَّنَ»[أحمد ١٥٣٨٠، والنسائي ٦٣٢، وابن ماجه ١٦٠٨].
٢ - أن يكون ذلك جُعالة، كقوله: مَن أذَّن في هذا المسجد فله كذا وكذا، فجائز؛ لأنها أوسع من الإجارة، ولهذا جازت مع جهالة العمل والمدة.
٣ - أن يأخذ ذلك بلا شرط؛ فجائز؛ لحديث عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ»[البخاري ١٤٧٣، ومسلم ١٤٠٥].
٤ - أن يأخذ المال بشرط، وهي الإجارة: فيحرم ولا تصح الإجارة؛ لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «وَاتَّخِذْ مُؤَذِّناً لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْراً» [أحمد ١٦٢٧٠، وأبو داود ٥٣١، والترمذي ٢٠٩،