للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلوب وما تلمسه مما ترى وتسمع، فتسجل طائعة مختارة عين الحقيقة.

وهذا هو الحسين بن محمد بن علي الجعفري الرودكي الشهير بابن بي بي المتوفى قبل الأرموي سنة ٦٧٩ هـ، ينطق كتابه بالصدق ويظهر الحق ويدون الذكرى الحميدة التي نظرها بعينه ووعاها بقلبه، فيسطر ما شاء الله له أن يسطر من الفضائل، ويذكر مركز الأرموي بين علماء زمانه في شتى العلوم

والفنون على صفحات كتابه الشهير. الأوامر العلائية في الأمور العلائية المطبوع باللغة الفارسية صفحة ٧٠٠، ٧٠١، واكتفى بذكر الألقاب التي أوردها له خوفاً من التطويل، وليتناسب المقال مع المقام. فيقول المصنف في فصل حادثة جمرى القرماني في التعريف بالقاضي سراج الدين الأرموي:

قاضي القضاة ملك العلماء، سلطان الأئمة، قدوة الأمة، شُرَيْح الزمان، سراج الملة والدين، حجة الإسلام والمسلمين، أبو الملوك والسلاطين، أبو الثناء محمود الأرموي أدام الله علاه، وأطال بقاه، فريد دهره ووحيد عصره، حاز قصب السبق على العلماء الأوائل والحكماء الأفاضل وزعيم المحافل، يشار له بالبنان في جملة فنون لاسيما الأصولين (١): (والمنطق والفقه والخلاف واقتبس من مصنفاته واستفاد الأعاظم والأماثل والأماجد). انتهى مترجماً.

أوردت هذه النقول من كتب أقرانه ومعاصريه، ليعلم الناظر أنني لم أبالغ فيما وصفته به، وما ذكرته من علماء الجم، وفضله العميم فهؤلاء عاصروه وقارنوه، فوصفوه بشُرَيْح الزمان في القضاء وبشمس السماء في العلوم والعهدة عليهم، ولكن دليلهم قائم والآثار شاهدة.

ومنزلته بين العلماء لم تبرز بشهادة معاصريه فحسب، بل في منزلته عند عظماء حكام الأمة الإسلامية آنذاك بني أيوب، الذين فرجوا الكروب وكسروا الصليب وهزموا آله وأعادوا للمسلمين عزهم ومجدهم التليد، وتحطمت على سواعدهم الفتية أطماع الطغاة، الذين لا زالوا يكيدون للإسلام وأهله وإن تغير السلاح وتبدل الأسلوب، فقد كان سفيراً للملك


(١) اعتاد العلماء أن يطلقوا على علمي أصول الدين وأصول الفقه الأصلين".

<<  <  ج: ص:  >  >>