للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا معنى له إلا ذلك وقالوا أَيضًا: الله تعالى لا يفعل إلَّا ما فيه مصلحة العبد تفضلًا لا وجوبًا.

وأما الثاني (١) فظاهر، وأما الثالث (٢) فلوجهين:

أ- أن غير هذه المصلحة ليس مقتضيًا لهذا الحكم, لأنه لم يكن مقتضيًا له (٣) في الأزل وإلَّا لكان الحكم ثابتًا في الأزل، والأصل استمراره فالمقتضي هذه المصلحة.

ولقائلٍ أن (٤) يعارض هذا بمثله ودفعه سهل يعرف بالتأمل.

ب- أن الملك إذا علم أنَّه لا يفعل إلا لمصلحة. ثم أعطى الفقير درهمًا وعلم مناسبة فقره، ولم يعلم جهة أخرى غلب على الظن أنَّه إنما أعطاه لفقره، فدار الظن بالعلية مع الأمور الثلاثة، والدوران يفيد ظن العلية فيحصل ظن أنَّه تعالى إنما شرع هذا الحكم لهذه المصلحة.

الثاني: لبيان أن المناسبة تفيد ظن العلية، وإن لم نعلل أحكام الله تعالى بالأغراض إنَّا لما تأملنا رأينا الأحكام والمصالح متقارنتين فالعلم بأحدهما يقتضي ظن حصول الآخر، فإن تكرير الشيء مرارًا كثيرةً على وجه يقتضي ظن أنَّه متى وقع وقع علىٍ ذلك الوجه. فإن دوران الفلك وطلوع الكواكب وغروبها لما تكررت مرارًا كثيرةً على نسقٍ واحد ظننا وقوعها عليه في الغد، وكذلك في حصول الشبع عقيب الأكل والاحتراق عند مماسة النَّار.


(١) الثاني: إشارة إلى قوله في الصفحة السابقة (هذا الفعل مشتمل على هذه الجهة من المصلحة).
(٢) الثالث: يعني به (حصول الظن لشرعية الحكم لهذه المصلحة).
(٣) في "أ" (لهذا الحكم) بدل (له)، وقد يكون سبب الإبدال أنَّه تفسير للضمير في "له", لأن الضمير يرجع لهذا الحكم انظر المحصول ٢/ ٢/ ٢٤٣.
(٤) خلاصة اعتراض القاضي الأرموي هذا على دليل الإِمام الرَّازيّ -رحمهما الله- وذلك بالمعارضة بمثل، دليله، وذلك أن يقال يمتنع أن تكون هذه المصلحة علةً للحكم, لأنها لم تكن مقتضية له في الأزل لما ذكرتم، والأصل بقاؤه على العدم. وقد أجاب التستري عن اعتراض القاضي الأرموي هذا بأن الحكم ثابت، ولا بد له من علو وهي هذه المصلحة لا غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>