أو فقيرًا- عليه دَيْن للأرض التي تَغْذُوه وتَعُوله وتُؤْويه وتمده وتحفظ له نسله جيلًا بعد جيل، وأداءُ هذا الدَّيْن لا يكون إلا عملًا في حفظها وحياطتها والمدافعة عنها بالسلاح والعلم والعمل والفكر والنفس، فإذا أخلَّ أحد بشيء من ذلك خان أمانة هذا الديْن وأسقط مروءته.
وكيف يمكن أن يمتنع الشاب أو الطالب عن الاشتغال بالسياسة؟ أيمتنع عن قراءة الصحف والكتب لئلا يعرض له الفكر في ذلك والتمييز بين صوابه وخطأه والعمل على بيان مواضع الخطأ ومعاونة الصواب على الاستمرار؟ أم يقرأ أخبار الأمم وأحداثها فإذا أقبل على أمر بلاده طوى الصحيفة واستغفر؟ أم يقرأ ويقرأ ولا يكون إلا كالخزانة، يُلقِي فيها ما يلقي ليحفظ ويصان من لصوص الفكر التي يطلقها عقله في آثارها؟ أم يقرأ ويفكر، ثم يحبس آراءه بين جدران الجمجمة إلى أن يذهب بها الإهمال؟ وكذلك تضعف النفس وتصدأ وتتآكل، لأن الإيمان والعمل هما جلاءُ النفس وصقلها لتبقي أبدًا مشرقة.
إن الشباب -ولابد- مشتغل بالفكر في السياسة، ونصرة مذاهب الحق فيها -كما هو- مشتغل بالعلم والأدب والفن، ولكن الإشكال كله في انفساخ القوة الخلقية التي يجب أن يقوم عليها العلم والأدب والفن والسياسة، وكل عمل فتربية الخلق أوَّل. ثم ارموا -بالشباب- حيث شئتم فإنهم عصام الشعب، وهم ذادة الوطن، وهم أصحاب المستقبل.
[المرأة والرجل]
لشدّ ما اجترأت المرأة في هذا العصر! ! وإذا أخذت المرأة أسلحتها -من الزينة والتطرية (١) والجمال والفتنة، وجيَّشت غرائزها- من الحذر والحيلة والضعف والإغراء، لم يبق للرجل إلا أن يستقتل أو يفر. . . وقد أقامت "وزارة الشؤون الاجتماعية" مناظرة بين الأستاذ "محمد فريد أبو حديد" والسيدة "زاهية مرزوق" وكان غرضها هو "كيف ننهض بالأسرة؟ ". والظاهر أن السيدة
(١) التطرية: يعني بها الأستاذ: المكياج أو التواليت، وهي كلمة استحدثها انظر ص ١٩٩.