وخرافاتها. نعم، هو تقليد رائع يدل على قدرة الفنان الذي نحته، ولكنه لا معنى له الآن في مصر الإسلامية. هل يستطيع الفنان الذي نحته وأقامه أن يعيد في مصر تاريخ الوثنية الجاهلية، واجتماع الحضارة الفرعونية، وما يحيط بذلك من الأبنية الضخمة التي شادها أوائله، والتي كانت وحيًا للفنان الفرعوني الذي عبد الشمس وخضع لفرعون وأقر له معاني الربوبية، وآمن بالأباطيل والأساطير والتهاويل الدينية والوثنية الضخمة الهائلة المخيفة التي قذفها في قلبه أبالسة عصره من الجبارين والطغاة؟ وهل يستطيع أن يجعل في أرض مصر شعبًا وثنيًّا مُتَعَبِّدًا للفراعنة والجبابرة بالخوف والرهبة والرعب حتى يتأثر بمعنى هذا الضرب من الفن المصري القديم؟ ولكن أفي مصر الآن من الشعب من يستطيع أن يجد له معنًى أو تأثيرًا أو اهتزازًا إلا من القدم أو أخيلة القدم؟ كلا. . . كلا.
لقد ذهب كل هذا، لقد دثر، لقد باد. إن الأصول الفنية التي يكون بها الفن فنًّا قلما تتغير، وهي ممكنة دانية في كل الآثار على اختلاف أنواعها وبلادها وأراضيها وأديانها، ولكن روح الفن هي دين المجتمع وعقائده وطبيعة أرضه وسائرُ أسباب حضارته، وهي التي تمنح الفنان القوة والقدرة على الإبداع، وهي التي ترفع فنه أو تضعه.
وإذن فدعوة الدكتور طه إلى الاستمداد من الفن الفرعوني -كما استمد "مختار"، ثم دعوته إلى جعل اجتماعنا اجتماعًا إسلاميا، ثم استمدادِنا أيضًا من الفن الإسلامي- تناقضٌ عجيب في أصل الرأي، لا يمكن أن يكون ولا أن يُعمل به إلا إذا شئنا أن نوجِدَ لمصر حضارةً مقلّدة ضعيفة ملفَّقة من أشياء ليست نتيجة ولا شبه نتيجة للاجتماع المصري الإسلامي الحديث الذي ندعو إليه ويدعو إليه الدكتور طه حسين! !
وبشر أيضًا! !
يقول بشار بن برد لخَلَف بن أبي عمرو في حديث جرى بينهما معابثة ومزاحًا:
أرْفق بعمرو إذا حركتَ نسبته ... فإنه عربيٌّ من قواريرِ