للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعقيبات أدبية ولغوية

[الأندلس تاريخ اسم وتطوره]

كتب الدكتور الطاهر أحمد مكي في عدد الثقافة (٢٢ - يوليه ١٩٧٥)، كلمة جيدة عن "الأندلس: تاريخ اسمه وتطوره"، ذكر فيها أن الباحثين المحدثين من العرب، يرون أن اسم "الأندلس"، قد أخذه العرب من كلمة (Vandalos) وهم "الوندال" وأن كتابتها بالجرمانية (Wandal) وجمعها (Wandalos) وأن الحرف الأول منها وهو (W) ينطق بما يشبه الواو في اللغة العربية، فيكون نطق هذا الجمع بالعربية "وندلس"، ثم قال:

وانقلاب الواو همزة لا تعرفه اللغة العربية أبدا، ثم عقب على ذلك بقوله: "إن تصور أن يكون لفظ Wandalos قد أخذ طريقه إلى اللغة العربية مباشرة، أمر بعيد الاحتمال". فمن أجل ذلك، بحث لها عن مدخل، فانتهى إلى أن هذا اللفظ قد انتقل إلى العربية عن طريق اللغة البربرية، ثم أفاض في توجيه دخول هذا اللفظ إلى البربرية وعن افتراض تحوله في اللسان البربرى من الواو إلى الهمزة طبقا للقواعد الصوتية في اللغة البربرية، ثم ختم ذلك بقوله: "فهي إذن دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة البربرية، وليس من اللاتينية، أو الجرمانية، أو اللاتينية المتكلمة في أسبانية مباشرة. وبذلك يمكن حل المشكلة صوتيا وتاريخيا، فإن غياب حرف V أو W من كلمة أندلس، لا يمكن تفسيره إلا في ضوء هذا الفهم".

كان الدكتور الطاهر في غنى عن كل ما كتبه عن اللغة البربرية، وعن اتجاهاتها الصوتية، وعن افتراض ما افترضه في تحول الواو همزة في اللغة البربرية. بيد أن الذي حمله على ارتكاب هذا الطريق البعيد، هو ما اعتقده اعتقادا جازما، من أن "انقلاب الواو همزة لا تعرفه اللغة العربية أبدا". والأمر في الحقيقة على خلاف ما اعتقد، وذلك أن قلب الواو همزة قياس مطرد في العربية بلا شك.


(*) مجلة الثقافة -السنة الثانية- العدد ٢٣، أغسطس ١٩٧٥، ص ٩ - ١٠