للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢ - قلب جزيرة العرب]

تأليف "فؤاد حمزة" المطبعة السلفية ومكتبتها سنة ١٣٥٢ - ١٩٣٣

قام كثير من الأعاجم الأوربيين، وجاسوا خلال الجزيرة العربية، ودرسوا -على قدر ما وفقوا إليهِ- أمر هذه البلاد، وألّفوا في ذلك كتبًا كثيرة تشهد لهم بالفضل والبراعة والسبق إلى ما تأخر عنهُ أبناءُ هذه البلاد وأحبَّاؤها من أحفادها الذين رحل أجدادهم منها إلى بقية البلاد التي تنطق بالعربية الآن كمصر والشام والمغرب وغيرها. وقد وضع بعض العرب كتبًا عن الجزيرة العربية إلَّا أنها لا تفي بحاجة الأمم العربية المتباعدة، ولا تكشف لهم عن سرّ هذه الجزيرة، ولا تقوم صلة بينهم وبينها.

وقد أثار هذا الأستاذ فؤاد حمزة لتأليف كتابهِ (قلب جزيرة العرب) على أتمّ ما رأى من طريقة لتعريف أبناءِ العربية ببلاد العربية، والأستاذ فؤاد أقرب من ننتظر منهُ الإجادة في غرض كهذا لأنهُ عربيٌّ يخلص لهذه البلاد، ثم لأنهُ قد سلخ أعوامًا طوالًا في قلب الجزيرة (بلاد نجد) وفي الحجاز الذي فاء إلى حُكم ابن سعود النجدى، ثم هو قد تقلَّب على رمالها كما تقلب في سياستها وأمور دولتها. فإذا كتب في حال هذه الجزيرة في أيامنا هذه كان أقرب إلى الإجادة ممن يدخلها سائحًا يخرج منها كاتبًا أو مؤلفًا.

وقد بدأ كتابه بذكر طبيعة الأرض العربية، وتكوينها الجيولوجى وما في هذه البلاد من أنهار وبحيرات وغير ذلك من سهولها وجبالها وجوّها وأمطارها وسيولها الكثيرة. وهذا بابٌ واسع جدًّا كان على المؤلف أن يستوفيه لولا ما في ذلك من المشقة والتعنت، والحاجة التي لا تتمُّ من الآلات الحديثة التي يصعب نقلها واستعمالها، وبخاصة إذا كان الذي يقوم بذلك فرد برأسهِ لا أعوان له ولا أنصار. وقد كان من الفرض على الأمم العربية أن تتعاون على ذلك، إلا أن المآرب السياسية قد عاقت ذلك وأخَّرته إلى أجل نسأل الله أن لا يجعله بعيدًا. ثم أتبع


(*) المقتطف، المجلد ٨٤، يناير ١٩٣٤، ص: ١١١ - ١١٢