للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علم معاني أصوات الحروف سر من أسرار العربية نرجو أن نصل إلى حقيقته في السليقة العربية (٣)]

أفضنا في الكلمة السالفة -في ذكر الحروف الحلقية، وبدأنا بالهمزة ونظرنا بعض النظر في معناها ما هو؟ وحسنٌ أن نعود إلى استقصاء القول في هذه الهمزة وسائر الحروف الحلقية، واستخراج أكثر معانيها من الفطرة. ثم كيف هو دورانُها في الكلام العربي، ثم كيف تنزلُ عن بعض معانيها من تركيب الكلمة لدلالة أخرى تفضي إلى معنى يكون شارعًا من الأصل أو مستمدًّا منهُ أو عارضًا فيهِ، أو ليكون اعتراضها مسقطًا لبعض المعنى في حرفٍ آخر ليعادَل بهِ إلى القصد في إرادة معنى بعينِه ينشأ من اشتراك هذه الحروف الدالة في تركيب الكلمة. ويقتضينا هذا المذهب أن نسبقَ إلى عرض بعض معاني سائر الحروف العربية في مدارج القول، إذ كان الاشتراك بين هذه الحروف في الكلمة مدعاةً للبيان عن معانيها. وإذ كان ذلك كذلك، فستجد كلامنا عن هذه الحروف الحلقية مختلطًا بغيره من بيان معاني حروف أُخر من حروف اللسان العربي. وإنما أردنا ذلك اختصارًا وتخفيفًا. فلو ذهبنا ننشيء لكل حرف مقالًا لغلبنا الجهد، ولكان على القارئ أن يبقى مغموسًا في فكره في هذا الباب أشهرًا بعدد حروف العربية. ونحن إنما نجعل كلامنا هذا كالتذكرة لنا وللقراءِ في هذا العلم، ولأن ننتظر -حتى يأذن الله فيتيح لنا من الفراغ والهمة والجدة والتوفيق ما هو بعض نِعَمِه علينا وآلائهِ- أَوْلَى وأخلقُ، ولأن يكون ذلك مخبوءًا لنا حتى نضع كتابنا في "سر العربية" (١) -أحبُّ إلينا وأَجود للبيان، فإن بيان الرأي- في سعةٍ من كتاب


(*) المقتطف، المجلد ٩٧، يونيو ١٩٤٠، ص: ٥٧ - ٦٣
(١) لم يُتَح للأستاذ شاكر أن يضع مثل هذا الكتاب، وليته فَعَلٌ، فقد فاتنا بذلك خير كثير.