. . . شكرًا شكرًا. وبعد، فلست أنكر ما قلت، ولا ما قال من قبل صديقي الأستاذ جمال مرسى بدر. فالذي جرى عليه العملُ -كما يقال- هو ما قلتما. أبدأ بما ختمت به رسالتك، فقد ذكرت هذا البيت (ص ١٧٣؛ مجلة الكتاب، فبراير سنة ١٩٥٢).
أغثنى! أجل! باع! ماذا! أباعَ ... نعمْ باعَ! حقًّا! أجل
والعجز كما رأيت مختل الميزان، وهو عندي مختلّ المعنى أيضًا، وصوابه:"نعم باعَ! قد باعِ! حقًّا فعلْ! "
وسقطت "قد باعَ" في نقلي أنا من نسختى إلى نسخة المطبعة، لما شغلنى به البيت والأبيات قبله من كثرة "البعبعة".
أما القسم الأول من رسالتك، فيحتاج إلى إطالة في ذكر العروض والقوافي، وإلى الإفاضة في ذكر بحر الرمل، وما يطيقه وما لا يطيقه. وأختصر القول اختصارًا. فأنا لم أفعل ما أنكرته إلا في أبيات قليلة من بحر الرمل، وكان يسيرًا أن أقيمها بأهون الجهد، ولكني قبلت منذ قديم، أن أخلط في بحر الرمل بين أعاريضه وضروبه على اختلافها، وأن أنتقص بعض تفاعيله أو أزيد عليها، وأن أدخل فيها حشوًا قليلا أحيانًا. وبحر الرمل أقرب بحور الشعر كلها إلى النثر، وتستطيع أن تكتب كتابًا كاملا موزونًا على تفاعيل هذا البحر، وأنت غير متقيد بضروبه وأعاريضه، ولا بأعداد هذه الضروب والأعاريض، ثم يكون الكتاب موزونًا مقبولا في السمع، خفيفًا على اللسان حافلا بالموسيقى التي لا تنتهي.
فإن استطعت أن تجرب هذا، وأن تحاول كما حاولت أن تسيغه، فإنك
(*) مجلة الكِتاب، المجلد الحادى عشر، سنة ١٩٥٢. وفي الأصل: حول كتاب طبقات فحول الشعراء. وهو خطأ، فصححته لما يدل عليه فحوى المقال.