[أنا وحدى. . .!]
تحت الشمس المحْرقة التي ترسلُ أشعتها، وكأنها لُعَابٌ من النار الجاحمة المتسَعِّرَة.
وعلى الرِّمال الملتهبة التي تَزْخر حَرَارتها، وكأنها بحرٌ من السعير تتلاطَمُ فيه أمواجُ اللهب.
وبينهما. . . بينهما يتهاوَى سَمومٌ من الرياح العاصفة، وكأنها أنفاسُ الشياطين المخلوقة من مارج من نارٍ.
أنا وَحدِي. . . أمُدُّ الطرف إلى الآفاق المترامية، ذاهلًا عن آلام الظَّمْأ، لأرى السرَابَ المتخايلَ كأنه ذَوْبُ الدُّر واللؤلؤ.
أنا وحدي. . . أرَى الجبال البعيدة الشامخة، على هامَاتها عمَائمُ الشيب تفيَّئُها الريح، وكأنها ذوائب من دُخانٍ.
أنا وحدِي. . . حيث تلبسنى النار، حيث أطأ النار، حيثُ أتنفَّسُ من نارٍ، حيث أسمع حَسيسها وأرى آثارها. . . أنا وحدى. . .
أيتها الشمس المحرقة، أيتها الرمال الملتهبة، أيتها الرياح المندلعة، أيها الشراب، أيتها الجبال. . .! ! أنا وحدى معكُنَّ أحيى لأحترق، وأحترق لتحيى النفس التي تنشُدُ الخلود! !
الصديق. . .! الصاحب. . .! الأخ. . .! كلهم. . . كلهم ودَّعنى لأنه لا يطيق، وأنت أيضًا أيتها الحبيبة! !
إذن فأين أجد الراحةَ من وَقُودِ النار؟ .
(*) العصور، العدد الثاني، ٩ ديسمبر ١٩٣٨، ص: ٦٤
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute