للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" عن كتاب تطور الأساليب النثرية" رد على مؤلفه

غضب الأستاذ أنيس المقدسى مما نقدناه به في مقالنا الأول ورمانا بكلمته الفاتكة في مقطم الثلاثاء ١٣ أغسطس سنة ١٩٣٥ ظنا منه أن ما أتى به يعد دليلا جديدا يقنعنا بما في كتابه. والحقيقة أنه دليل جديد يعضد رأينا في الكتاب ودليل أيضا على أن المؤلف إنما يأخذ معاني الأشياء من ظواهرها ولا هَمَّ له بما في باطنها. ونحن لا نقول هذا هجاء ولا طعنا كما يقول في مقاله. فما في العلم هجاء ولا طعن. وأنت إذا قلت في قضية من قضايا العلم أنها فاسدة وأن صاحبها مخطئ وأن هذا الخطأ دليل على أنه لم يفكر في القضية وأن إلقاءه القضية بغير تفكير فيها إنما هو تهجم على الخطأ -فلا تعني بذلك هجاء ولا طعنا ولا تنقصا. فإذا جئت مع ذلك بالدليل على ما تقول لم يبق لصاحبها عذر في غضبه أو فورته.

أراد الأستاذ الأديب أن يدفع عن نفسه وعن كتابه ما قلناه وأراد أيضا أن يعلمنا -علمه الله الخير- كيف نكتب حين ننقد في هذا القرن العشرين وسنكون عند حسن ظنه بنا إن شاء الله.

يدعى الأستاذ -أكرمه الله- أن نقدنا "مشبع بروح لا نجدها اليوم إلا في الأوساط الجدلية البعيدة عن الحرية العلمية فنحن ننظر إلى الحياة من خلال (العرف الموروث)، وأننا نعتبر (التقاليد القديمة) قضايا منزلة لا سبيل للعلم إليها، وأننا حين رأيناه خرج عن السنة المعهودة قامت قيامتنا واتهمنا الخارجَ بالضعف وسوء القصد وانصرفنا عن المناقشة العلمية الهادئة الى الطعن والتنقص، وأن كلامنا قد ورد فيه ما يجب أن يتنزه عنه ناقد من نقاد القرن العشرين إذ أخذنا نعالج علمه معالجة الغيور على معتقد موروث نخاف فقدانه، وذلك من جراء الغيرة التقليدية التي اتهمنا به.


(*) المقطم، الثلاثاء ٢٠ أغسطس سنة ١٩٣٥، ص ١١