تأليف السير (جون آدمز) أستاذ التربية بجامعة لندن سابقًا -وترجمة الأستاذ (محمد أحمد الغمراوى) خريج المعلمين العليا وجامعة لندن والمدرس بكلية الطب- من مطبوعات لجنة التأليف والترجمة والنشر بدار الكتب المصرية سنة ١٩٣٤
الأستاذ الغمراويُّ كما عرفتهُ من سنين رجل موفق فيما يتعمده من الأمور، مرَتَّبُ الحديث كأنما يحدثك عن كتاب، واسع الفكرة بسيطها حتى ليخيل إليك أحيانا يتكلَّمُ بكلام يتداولهُ الناس لا عمل للفكر الدقيق فيهِ، ولكنك إذا راجعت نفسك فيما تسمع رأيت التوفيق معانًا بالترتيب، مقدَّرًا بالفكرة، محفوفًا بالبساطة والحرية والجمال. وإذا أردت أن تتبيَّن ما وصفنا لك فاقرأ كتابًا يؤلفهُ رجلٌ يدرّس الكيمياء ويريق عليها من شبابه، في باب يتباعدُ ما بينهُ وبين الكيمياء وهو الأدب. اقرأ كتابهُ الذي ألّفهُ في رد الرأي الذي أذاعهُ الدكتور طه حسين عن الشعر الجاهلي فسترى كيف (يحلل) هذا الكيميائى كتاب الدكتور طه ويصنف لك في (تحليله) أنواع الجراثيم الفكرية التي وقعت فيهِ، ويقيدها لك بسلاسل من العلم، ويضع لك الدواءَ الذي يذهب بها ويميتها ونحن لا نقول هذه الكلمة لننتصر برجل على رجل، بل نقولها لأن الحقيقة تفرض علينا أن نقول ذلك وأن ندعو -ما تعرَّضت الفرصة- إلى قراءَة هذا الكتاب الذي لا غنى لأحد من الأدباء عنهُ لأنهُ هو الكتاب الذي أدخل في الأدب دقة التحليل الكيميائى ومزج بين الفكرة العلمية المتلبّثة المتَثَبّتَة وبين الفكرة الأدبية الخيالية الجامحة وأخرج منهما (مزيجًا) شافيًا لما انتشر عندنا من الأمراض الأدبية الكثيرة.
قلنا إن الغمراوى رجلٌ موفق فمما رأينا من توفيقه اختياره كتاب (مرشد المتعلم) للترجمة فإن المتعلمين في مصر وغيرها من بلاد العربية بل الذين يعدُّون أنفسهم من شيوخ المثقفين وكبار النابغين! ! هم أحوجُ الناس في الإرشادِ إلى مثل هذا الكتاب. ولعلّ كثيرًا من الذين يسمعون قولنا هذا أو يقرأونه يكبر عليهم أن