للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كانت الجامعة. . . هي طه حسين]

ما هو دور طه حسين في رأيك (١)؟

سؤال ضخم الإجابة عنه في أسطر قلائل، تكليف بما لا يطاق. ومع ذلك فسأحاول أن أقول لك شيئًا أتمم به ما تناثر في بعض ما كتبت، حين كانت الضرورة تدعونى إلى التحدث عن الدكتور طه حسين وآرائه في الأدب.

كان -رحمه الله- ينشر "حديث الأربعاء" في صحيفة السياسة، وذلك في حدود سنة ١٩٢٣، وكنت يومئذ فتى صغيرا في المدارس الثانوية، فكنت أقرأ ما يكتب وأتتبعه. وكنت قبيل ذلك أيضًا أقرأ كتاب "الكامل" للمبرد وكتاب "الحماسة" لأبى تمام على شيخى وأستاذى -رحمه الله- إمام العربية في زمانها "سيد ابن علي المرصفي" في بيته، وكان الشيخ لا يكاد يقرأ الصحف، ففي بعض حديثي معه ذكرت له ما كان يكتبه الدكتور طه حسين. فعرفت يومئذ منه أن الدكتور طه حسين قرأ عليه أيضًا ما شاء الله أن يقرأ من كتاب الكامل للمبرد. فحفزنى ذلك على أن أسعى إلى لقاء الدكتور طه حسين وإلى السماع منه. فمن يومئذ عرفته معرفة عن قرب. عرفته محبا لعربيته حبا شديدا، حريصا على سلامتها، متذوقا لشعرها ونثرها أحسن التذوق، وعلمت أن هذا الحرص وهذا التذوق كان ثمرة من ثمار قراءته على المرصفي. فإني لم أر أحدا كان يحب العربية ويحرص على سلامتها، ويتذوق بيانها، كشيخنا المرصفي رحمة الله عليه، ولم أر لأحد تأثيرا في سامعه كتأثير الشيخ في سامعه.

ومضت الأيام منذ سنة ١٩٢٣ إلى سنة ١٩٢٥، فيومئذ صدر المرسوم بإنشاء "الجامعة المصرية" مكونة من عدد من الكليات إحداهن "كلية الآداب"


(*) مجلة الكاتب، السنة الخامسة عشرة، العدد ١٦٨ - مارس ١٩٧٥، ص ٢٨ - ٣٥.
(١) السائل هنا هو الأستاذ سامح كريم في مقابلة أجراها مع الأستاذ شاكر -رحمه الله- في فبراير ١٩٧٥، وقد أشار الأستاذ إلى هذه المقابلة في مقاله الأول عن "المتنبي ليتني ما عرفته" انظر ٢: ١١٢٣