للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علم معاني أصوات الحروف سر من أسرار العربية نرجو أن نصل إلى حقيقته في السليقة العربية (٢)]

فرغنا في الكلمة السالفة من تقرير مخارج الحروف العربية ومدارجها وصفة مواقعها من الحلق واللسان وغار الحنك الأعلى والثنايا والأضراس واللثة والخياشيم وسائر الفم وما يحيط به، وأبنَّا عن مبلغ تباعدها وتقاربها وما يأتلف منها في المخارج وما لا يأتلف، ورتبناها على مجرى ذلك بالتحرى والضبط والإتقان، ثمَّ قسمناها لك على وجوه الاشتراك في صدى الصوت وما يلحقها من الإطباق والانفتاح، والاستعلاء والانخفاض، وما يلابسها من الرخاوة والشدة، وجعلنا ذلك كله مقدمة للقول في "علم معاني أصوات الحروف"، ونحن "إن شاء الله" نذكر لك بعض ما عرض لنا من الرأي في هذا العلم.

ونحن نريد أن نأخذ معاني هذه الأصوات التي تدل على حروف العربية من جهة طبيعة الإنسان حين يريد العبارة عن شيء في نفسهِ أحسَّ بهِ أو عزم عليه، محاكيًا أو مقلدًا أو منبهًا أو مصوِّرًا أو مقرّبًا للمعنى الذي يريده بالجرس الصوتى المفرَد الذي يتبادر إليهِ فيحاوله ويعالجُه ويتهجم عليه. ويحسن أن نبدأ أول ذلك على ترتيب القسمة التي عرضناها في الكلمة السالفة متتبعين مدارج الأصوات من أقصى الحلق، مؤلفين بين الأصوات المشتركة الصدى، المتقاربة المقاطع والمخارج.

وأول ذلك ما يسمونه "الحروف الحلقية"، وهي حروف المخارج الثلاثة الأولى، وهي سبعة على الترتيب: -

الهمزة "١" والألف "٢"، والهاء "٣" -والعين "٤"، والحاء "٥"- والغين "٦"، والخاء "٧".


(*) المقتطف، المجلد ٩٦، إبريل ١٩٤٠، ص: ٤٠٥ - ٤١٢