للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أسد إفريقية]

إلى أسد إفريقية الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي.

السلام عيك أيها الأمير ورحمة الله وبعد:

ملأت فضائلك البلاد، ونقبت ... في الأرض، يقذفها الخبير إلى العَمِى

فكأن مجدك بارق في مزنة ... قِبَل العيون، وغرة في أدهم (١)

واليوم مُقْذٍ للعيون بنقْعِه (٢) ... لا يهتدى فيه البنان إلى الفم

لم يبق غير شفافة من شمسه ... كمضيق وجه الفارس المتلثم

فأنت، أبقاك الله ومتعك بالعافية، قد كنت في تاريخ العرب الحديث نفحة علوية من مجد آبائنا الغر الميامين، وكنت في ضمير كل عربي صدى للأمانى البعيدة التي لا تزال ترددها دماؤنا في أبداننا العربية الحية، وكنت قبسًا من فضائل أسلافنا يحدث عن نفسه بلسان عربي مبين، وكنت برهانًا جديدًا لأهل البغي على أن العربي لا يذل أبدًا ولا ينام على الضيم يراد به. ثم كتب الله لك بعد عشرين سنة من الأسر أن تعود كما كنت عربيا حرًّا حَمِىَّ الأنف ذكى الفؤاد، تأنف لأمتك وعشيرتك أن يروا ميسم ذلهم وهوانهم على جبين أكرمه الله بالنصر مرة، وامتحنه بالأسر تارة أخرى. فعش في حمى مصر أيها الرجل أميرًا على


(*) الرسالة، السنة الخامسة عشرة (العدد ٧٢٨)، يوليو ١٩٤٧، ص: ٦٦٣ - ٦٦٥
(١) المُزْنَة: السحابة البيضاء المحملة بالماء. الغُرَّة: بياض في جبهة الفَرَس. الأدهم: الأسود.
(٢) النَّقع: الغبار، وأكثر ما يستعمل في الغبار الَّذي يُثار في المعارك.