للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أندية لا ناد واحد ..]

من أكبر الغفلة أن يظن ظان أن السياسة المصرية، بل الحياة المصرية، كانت تستمد أصولها من قلوب المؤمنين بحق بلادهم في الحياة وفي المجد، وأنها كانت خالصة من كل شائبة تفسدها أو تحولها إلى وجهة بعيدة كل البعد عن الصراط المستقيم. حسبك أن تعلم أن في مكان ما، مستعمرا ما، حتى يملأ قلبك اليقين أنه لن يدع الأمور تجري على ما يتفق بغير تدبير ولا سياسة ولا ضبط ولا فكرة. بل ينبغي أن تعرف كل المعرفة أنه لابد له من أن يكون شديد الحرص على أن يقلل أسباب القلق والمخاوف والريب، أو أن يمحوها محوا إن استطاع إلى ذلك سبيلا. وأنه من أجل ذلك ينبغي أن يكون عظيم الحذر، خفي الكيد، رفيق العمل، بالغ الأناة، واسع الحيلة. ولن يبلغ ما يريد من ذلك إلا بأن يستخفي هو عن عيون الشعوب ما وجد إلى ذلك طريقا. وكيف يستخفي إلا بأن يصطنع من أنفس الشعب ناسا يطمئن إلى أنه منه، لأنهم يمشون في ثيابه، ويتكلمون بلسانه، حتى يتشبه على الشعب فيما بعد أمر الصالح والفاسد من أبنائه. فإذا بدأوا يعملون ظنهم الشعب منه، وهم في الحقيقة عدو له. وتجري الأمور عاما بعد عام وجيلا بعد جيل، حتى إذا بلغ الأمر مداه، صار تمييز الحق من الباطل، والبرئ من المجرم، قضية معقدة تحتاج إلى فطنة وتتبع واستقصاء، وتفتيش عن خبايا الأعمال والأقوال، وعن أسرار المودات والمجالس، وعما وراء الأستار الكثيفة التي يعيش فيها كل إنسان على حدة.

كشف اللواء الجديد عن أخبار نادى الشرق الأوسط الذي ذكره جون كيمش في كتابه "الأعمدة السبعة المنهارة"، وجاء في وصفه أنه: يضم موظفين بوزارة خارجية بريطانيا، وأكثر موظفي سفاراتها ومفوضياتها في الشرق الأوسط، وموظفي حكومة فلسطين، وموظفي شركات البترول، وبخاصة


(*) اللواء الجديد، ٢٨ أغسطس سنة ١٩٥١، ص ٥ - ٦.