في الساعة السادسة بعد فجر يوم السبت ٢٦ من ذي القعدة سنة ١٣٧٧ (١٤ من يونية سنة ١٩٥٨)، فقد العالم الإسلامي إمامًا من أئمة علم الحديث في هذا القرن، هو الأستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر، المحدث المشهور، وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوى في زماننا، دراسة وافيه، قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى. وكان له اجتهادٌ عُرف به في جرح الرجال وتعديلهم، أفضى به إلى مخالفة القدماء والمُحْدثين، ونصر رأيه بالأدلة البيِّنة، فصار له مذهب معروف بين المشتغلين بهذا العلم، على قلتهم.
وقد تولى القضاء في مصر أكثر من ثلاثين سنة، فكانت له أحكام مشهورة في القضاء الشرعيّ، قضى فيها باجتهاده غير مقلد ولا متبع، وكان اجتهاده في الأحكام مبنيًّا على سعة معرفته بالسنة النبوية، التي اشتغل بدراستها منذ نشأته إلى أن لقى ربه.
وهو أحمد بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر من آل أبي علياء، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبوه الإمام العلامة الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر سابقًا، وجدُّه لأمّه هو العالم الجليل الشيخ هارون عبد الرازق، وأبوه وأمه جميعًا من مديرية جرجا بصعيد مصر.
وولد الشيخ أحمد، -رحمه الله-، بعد فجر يوم الجمعة ٢٩ من جمادى الآخرة سنة ١٣٠٩، الموافق ٢ من يناير سنة ١٨٩٢، بمنزل والده بدرب الإنسية، بقسم الدرب الأحمر، بالقاهرة. وسمَّاه أبوه: "أحمد شمس الأئمة،
(*) مجلة المجلة العدد ١٩، يوليه سنة ١٩٥٨، ص ١١٩ - ١٢٢