للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الواضح، وعرفت فضل العربي على الأعجمي في نشر الكتب العربية، إذا هو حمل أصولها على أصول الفقه والدراية والتثبت، ولم تخدعه فتنة برأي لعل غيره أقوم منه وأجود.

وأنا أذكر بهذه المناسبة أن الأستاذ قد أرسل إليّ في (إبريل سنة ١٩٣٢) يسألني عن كلمة وردت في حديث من مسند أحمد بن حنبل، ولم أكن قرأتها قبل ذلك، فكتبت إلى الرافعي -رحمه الله- أسأله عنها وعرضت له ما رأيت من رأي، فخالفني الرافعي، ثم لم تمض أيام حتى وجدت في الطبري ما يوافق بعض رأيي أو يدل عليه، وأبى الرافعي أيضًا. ثم لم ألبث أن وجدت نصًا بعينه على الذي رأيت، وهذا الكلمة هي في الحديث. . . "رجل قد جرد نفسه، قد (أطَّنها) على أنه مقتول)، فرأيت أن قراءتها: "أَطَّنَها" والهمزة فيها منقلبة عن الواو فهي "وطنها" وكذلك وردت في الطبري، ولكن أصحاب كتب اللغة لم يثبتوا ذلك في كتبهم كما أثبتوا "وكَدَّ وأكَّدَ، ووثل وأثل" إلى غير ذلك. فأنت ترى أن الطبع والسليقة ربما هدت إلى ما لا يقع إلا بعض طول التنقيب والبحث والتجميع.

[الذخيرة]

وهذا أيضًا كتاب "الذخيرة" فإن الجهد الذي بذل في تصحيحه وضبطه على الأصول المخطوطة التي طبع عنها وبيان اختلاف النسخ، قد أوفى على الغاية، وقلَّ من المستشرقين من يستطيع أن ينفذ إلى إجادة مثله في التحرير، ومع ذلك فقد وقع فيه بعض ما كان يمكن تجنبه، لولا أن الأساتذة المصححين قد تهاونوا في تحطيم أسلوب المستشرقين الأعاجم، في التوقف الذي لا معنى له عند العربي ونضيف إلى هذا علة أخرى، هي أنهم ليسوا ممن تخصص لشيء بعينه من تاريخ الأندلس وأدبه، فكذلك بقي بعض الخطأ كما هو، وأُثبت على ذلك وليس له أي معنى. وترْك مثل ذلك للقارئ مما لا يصح ولا يستحسن، ولنضرب لذلك مثلًا أو مثلين: ففي ص ٨٢ ". . . . دبّروا جميعًا عليه فقتلوه ليلًا. . . ." وفي نسخة أخرى "بدروا"؛ وكلا الحرفين لا معنى له في الجملة،