للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا تهجم على التخطئة!

إلى أخي البصام:

السلام عليكم ورحمة الله، وبعد فيخيل إليَّ -والله أعلم- أنك رجل واسع المعرفة، مغرًى بالتحصيل، دقيق البصر، تطلب الكلام وإسناده ووجهه ومكانه وضوابطه. وحسب طالب المعرفة أن يكون كمثلك.

وقد طلع عليَّ مقالك في الرسالة (١)، فما أدري والله من أي أمريك أعجب؟ من واسع معرفتك، أم من حسن تهديك إلى مواطن الشبهة في كلامي. أم لعلي أعجب من استجلابك للحجة بعد الحجة في تخطئة شيء كان الناس في غنى وراحة عن اضطرابهم بين صوابه وخطئه؟

ومختصر القول هو أنك تريد تقول إن الكتاب ينبغي أن يبدأ كما بدئ في بعض كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكتب أصحابه بقولك: "سلام عليك" فإذا كان الختام قيل: "والسلام عليك"، وأن من بدأ الكتاب بقوله: "السلام عليك" فقد أخطأ. أفهذا شيء من أدب الكتابة واتباع السُّنة وحسب. أم هو قاعدة توجب الاتباع نحوًا ولغة ورواية، فيكون من بدأ بقوله: "السلام عليك" معرفًا فقد أخطأ في حق النحو واللغة والرواية؟ وكلامك كله يدل على أن البدء بالسلام المعرَّف خطأ من قبل النحو واللغة والرواية. أليس كذلك؟

فإذا كان ذلك كذلك، فقد رويت لك قول صاحب اللسان في مادة (سلم): "ويقال السلام عليكم، وسلام عليكم، وسلام بحذف عليكم"، وهذا ولا ريب قول اللغة والرواية والنحو فيما رواه لنا الرواة، في تحديد بدء السلام (الذي هو التحية). هذه واحدة.

ثم ذكرت لك قول الأخفش الذي رددته علي، وقلت إنه لا يعتدّ به (هكذا)، لأني لم أذكر مصدره الذي نقلتُ عنه، وفيه تصريح بيَّن كتصريح


(*) الرسالة، السنة الرابعة عشرة (العدد ٦٦٤) ٢ مارس ١٩٤٦، ص: ٣٣٣ - ٣٣٦
(١) العدد ٦٦٢، مارس ١٩٤٦، ص: ٢٨٣ - ٢٨٤.