التي يتكوَّن منها تاريخ الرافعي، والتي كانت تعمل في إنشاء أدبِه وتوجيه بيانِه. وفتح "الزيات" باب القول في الرافعي له وعليه حتى اجتمعتْ من ذلك طائفةٌ من القول صالحةٌ لدراسة أدب الرافعيّ دراسة جيّدة لمن ينبعث نفسهُ لها. ولكن الأخ "سعيد" لم يرض أن يقنع بذكره هو عن الرافعي وجمعه في كتابه الذي طبعه بعد وسمَّاه "حياة الرافعي"، فدأب على إظهار ما لم يظهر من آثار الرافعي قديمها وحديثها، وقد كان آخر جهد بذله في ذلك سعيه لإنقاذ مؤلفات الرافعي كلها من الضياع. فانتدب لجمعها وتصحيحها ومراجعتها وطبعها بعد ذلك سلسلة واحدة تقوم بنشرها "المكتبة التجارية". وقد كاد يفرغ من طبع أكثرها، وأنا أعلم أن بين يديه الآن كتابًا من كتب الرافعي التي لم يتمها وكان أصولًا مبعثرة رديئة الخط كثيرة الاضطراب، وهي أصول الجزء الثالث من كتابه الجليل "تاريخ آداب العرب"، واستخراج هذا الجزء وحده دون سائر كتب الرافعي يعد عملًا عظيما ووفاء نبيلًا لرجل هو كسائر الأدباء: حياته حياة أدبه، فإذا مات لم يجد في هذا الشرق الغافل من ينفخ الحياة في آثاره الأدبية مرة أخرى.
إن هذا التراث الذي خلفه الرافعي للأدب العربي، قد جعله الله أمانة بين يدي "سعيد" فهو يؤدي اليوم إلى الناس هذه الأمانة وافية كاملة لم ينتقص منها شيء -إلا شيئًا يعجزه أن يهتدى إليه أو يقع عليه، وغدًا يجد الناس بين أيديهم كل ما كتبه الرافعي حاضرًا لم يضع شيء منه وكذلك يجد من يريد سبيله إلى معرفة الرافعي من قريب وتقديره والحكم إما له وإما عليه.
[مصر المريضة]
ألقى الدكتور عبد الواحد الوكيل بك، أستاذ علم الصحة بكلية الطب، في المؤتمر الحادي عشر للمجمع المصري للثقافة العلمية محاضرة هي تصوير للآلام التي تعانيها الصحة في مصر، وتمثيل للحقائق المؤلمة المخيفة التي تعمل عملها في هدم البناء الصحي للأبدان المصرية. وقد نشر صديقي الأستاذ "فؤاد صروف" قسما من هذه المحاضرة في مقتطف مايو سنة ١٩٤٠، فأخذتها