للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[نابغة بني شيبان]

إن العربية لتُزْهى بما تخرجه دار الكتب من المطبوعات كما تزهى الحسناء بجمال وحيدها بعد أن استفتحت الله على عقمها فجاءها بأسباب راحتها وفزعها في وجهٍ معًا. فنحن بنا لدار الكتب مثل الذي بالحسناء لوحيدها من الحب والعطف والرعاية لأنها واحدة جادت لنا بها أيام كزَّة بخيلة. وبنا أيضًا مثل الذي بها من الخوف والفزع أن يستفزَّها الحدَبُ إلى الغرور، وإن يستخفها التغاضى إلى الإهمال والتعالى وترك الواجب الذي لا يستحلُّ خلافهُ. وقوة ما استقر في قلوبنا من الحدب عليها والتوجه إليها وما يعتلج في صدورنا من الخوف والفزع تدفع بنا إلى العناية بما تنشره، ومؤاخذتها على الكبائر والصغائر تنزيهًا لها وتبرئةً. وهذا "ديوان نابغة بنى شيبان" -آخر ما طلعت علينا به- نقول فيه كلمة تنفعها إن شاء الله.

(تحقيق نسب النابغة ودينه) نقلت دار الكتب في تصدير هذا الديوان كلمة أبي الفرج الأصبهاني في أغانيه "ج ٦ ص ١٤٦ مطبوعة الساسي" التي يقول فيها أن النابغة من شعراء الدولة الأموية "وكان فيما أرى نصرانيًّا لأني وجدتهُ في شعرِه يحلف بالإنجيل وبالرهبان وبالأيمان التي يحلف بها النصارى" اهـ. ولم تعلق دار الكتب على هذا بكلمة، فكأن الديوان لم يطبع فيها، ولم يهتم بشرحه القائمون بأعمال التصحيح فيها. ذلك، لأن هذا الديوان الذي بين أيدينا ليس فيهِ قَسَمٌ واحد بإنجيل أو رهبان أو يمين من الأيمان التي يحلف بها النصارى، بل فيهِ ما يدل على أن صاحبه مسلم عريق لم يضرب إلى نصرانية ولا يهودية، كما سنبين بعد.

وتقول دار الكتب في التعليق على نسب النابغة إنها نقلته من الأغاني "بعد تصويب الأسماء الخاصة (كذا) بنسبه" ومعنى ذلك أنها رجعت إلى ترجمة أبيه "مخارق" ثم جده "سليم" إلى آخر ذلك فصححت التحريف الذي كان واقعًا


(*) المقتطف، المجلد ٨٢، إبريل ١٩٣٣، ص: ٤٩٦ - ٤٩٨