للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لو ألقيت على جبل أصم لا يألم لوجد لها مسَّا كمسّ الرحمة في القلب الرقيق. ويخيل اليك وهو يغضُّ من طرفه ويرخى جفنيه أن الصبر والجلد والرجولة الصادقة أرادت بذلك أن تخفي عنك نظرات هي أحاديث أيام، أشفق على نفسك أن تسمعها أو تلمُّ بها.

وتراهُ حين يتكلم حتى في العلم يفيض حنانًا ورقة وكرمًا ووفاءً ثم يشتدُّ بعد تمهل حتى يأخذ عليك نفسك هيبة ووقارًا من ورعه وتقاهُ، ثم تتعرَّف فيه إذا خالطته ذهنًا قد اجتمعت له أسباب الإحاطة بأحوال الناس في كل أمة وجيل ثم يدق يكاد يغمض عليك إذا لم تلق إليه بسمعك وبصرك وقلبك جاهدًا متفهمًا. وإن تعجب فعجب لهذا الرجل الذي اتسع أفقه حتى ألّف ما أناف على مائتى كتاب فيها موضوعات عجيبة لم يسبق إليه بمثل تحقيقه ودقته على الأسلوب الذي يفهمه عن أهله ومن عرف مذاهب القوم في كتبهم ومؤلفاتهم.

كلمة مقتضبة في رجل بحر كريم الأصل والمنصب سليل جدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفوة من هذه الأمة العربية التي تدفقت في الأرض تدفق السيل من رؤوس الجبال فأنبتت في كل أرض نباتًا حسنًا زكا مغرسهُ وطاب ثمرهُ. كلمةٌ نصلُ بها أرحامًا تقطعت أو كادت في زمن توالت علينا أحداثه واستمرَّتْ علينا عواديه وتركنا لُطماءَ.

يأشَرُ الفارغُ الخليُّ، ويأسى ... مُتْرَعُ الصَّدْرِ منْ جوَى ملآنُهْ