للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأنا أدعو "الكتَّاب" الذين أنتسب إليهم بهذا القلم، أن يجتمعوا على رأي واحد، ويقوموا مرة واحدة لدعوة الشعب إلى الطريق الحق، وأن يبرئوا أقلامهم من الأحقاد الصغيرة التي أنشأتها بينها بريطانيا يوم مزقتنا أحزابًا، ليملأوها بالحقد الأعظم على العدو الأعظم الَّذي لم يدع لنا عرضًا إلا هتكه، ولا فضيلة إلا لوَّثها، ولا كرامة إلا تهجم عليها بالتحقير والتشنيع. وإنما أوجه دعوتي إلى الكتَّاب، لأنهم هم أصحاب الرأي الأول، وهم بناة الأمم، وهم حياة الشعب، وهم القوة التي تؤازر الضعيف حتَّى ينال حقه، وتلطم الجبار حتَّى يدع الحق لأهله. إن التبعة الملقاة على كواهل الكتَّاب، هي أعظم تبعة ألقيت على مصري سوداني في هذه الساعة، فهي أعظم من تبعة الوفد الذاهب إلى مجلس الأمن، لأنه بدونها لا يستطيع أن يواجه هذه الأمم مواجهة النِّد للنِّد، ومواجهة صاحب الحق لظالمه، ومواجهة المؤمن بقضيته للكافر بهذه القضية. ولو فعل الكتَّاب ما يوجبه عليهم حق مصر، فلن يستطيع مخالف أيَا كان أن يفتَّ في عضُد الذاهبين بقضيتنا إلى مجلس الأمن، وليس اليوم يوم لهو ولا لعب ولا شهوات، بل هو يوم الجد والصبر والزهد، وظنّي بالكتَّاب أنهم أسرع الناس إلى معرفة مفصل الصواب في كل أمر، فلن يخطئوا أن يعرفوا ذلك وثرى مصر والسودان يهمس لهم داعيًّا مؤلبًا حافزًا على العمل لتحرير بلادهم من نير العبودية.

وأنا مؤمن بأننا سننال حقوقنا كلها كاملة، شاء مجلس الأمن أم أبى، وبأننا صائرون إلى ساعة تجتمع فيها القلوب المصرية السودانية على كلمة واحدة، شاء رؤساء أحزابنا أم أبوا، وبأن المستقبل قد بانت لنا معالمه، فإن عميت عنه عيون قد تقادم عليها الزمن فخبأ ضوؤها، ففي الوادي عيون ناظرة مبصرة لم تطمس نورها حزازات الماضي ولا شهوات الحكم، وأنهم هم الذين سيحكمون على الرجال حكما لن يرد، إنهم مصر والسودان أيها الساسة، فاحذروا مصر والسودان وأحكامها عليكم، فمن وضعته فهو الموضوع إلى يوم الفصل، ومن رفعته فهو المرفوع إلى آخر الدهر!