فكانت مقدرة هذا الرجل الشاعر في نقله صورة من القرون الماضية وحياتها إلى القرن العشرين. . . نقل هذه الصورة ولم يدعها كما أتته بل أرسل فيها من شاعريته، ما أحياهما ونفخ فيها الروح حتى لا يشك المرءُ في أنها لا تزال حية بين يديه مع اختلاف الأزمان عليها وتطاول العصور بها. ومن هنا كان يسمى نفسه بالشاعر البدويّ لأنهُ هو الذي استطاع في شعره أن يعطينا صورة حية من إنسانية قد مضت ونفذَ بها الأجل في ثوب من العربية الفصيحة التي لا عجمة فيها ولا فساد.
* * *
هو هذا الشاعر البدوي كما بدا لنا قبل أن نقرأ ديوانهُ مجموعًا وبعد أن قرأنا ديوانهُ مطبوعًا فمن شاءَ أن يختار لدراسة الشعر القديم أستاذًا يهديه فليرجع إلى ديوان عبد المطلب فسَيَسْهُل عليهِ بعد ذلك أن يحسَ بجمال الشعر البدويّ حين يقرؤه لامرئ القيس وغيره من شعراء الجاهلية ومن جاءَ على آثارها. وليعذرنا القارئ إذا بدا له أنّا لم نختر لعبد المطلب ما نثبته في هذه الكلمة، فإن باب الكتب في هذا الشهر لا يحتمل أكثر مما كتبنا، وليرجع إلى الديوان نفسه وليقس على ما قلناهُ فسيجد ذلك صوابًا - إن شاءَ الله.