للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان الأستاذ قد أباح لنفسه أن يفهم كل هذا من كلمتى عن كتابه ثم رضى أن يصرح بذلك تصريحا عجيبا في بابه ثم لم يتورع عن أن يقول إنا أخذتنا الغيرة على (معتقد موروث نخاف فقدانه)، إذا كان الأستاذ قد أباح لنفسه ذلك كله فلا أقل من أن يبيح لنا أيضا أن نترجم للقراء معنى هذه الكلمات التي ذكرها في كلامه. فإن هذه (الطريقة الأمريكانية في الأساليب الكتابية والنقدية) مما لا نتعاطاه ولا ندع لأحد سبيلا إلى الاختفاء وراءه. ولعل الأستاذ يعرف أننا نقبل كل ما يقال تصريحا ولو كان في كل كلمة منه سيف مسموم، ولا نقبل شيئا مما يقال تعريضا ولو كان في كل كلمة منه رحيق مختوم. فإن أدوأ الأدواء هذه المخادعة التي يتخذها بعض الناس ولا يزالون يلحون في الإتيان بها عند كل حديث ليوقعوا في النفوس معاني تأتي من وراء العقل مأتى اللص من وراء الجدار. ونحن لا نظن بقرائنا إلا خير الظن، فما من أحد إلا وقد فهم أن الأستاذ يريد بقوله (العرف الموروث والتقاليد القديمة والمعتقد الموروث) -القرآن والحديث- فإن الكلام في مقالنا كان منحصرًا فيهما، وفهم أنه يريد بقوله (الغيرة التقليدية) قيامنا لرد شبه الأستاذ التي أتى بها وبثها في كتابه وأكثرها مما لا يقتضيه البحث الذي يبحثه. وليعلم الأستاذ أننا أخذنا كتابه أرفق مأخذ ولم نرد أن نفجعه فيه دفعة واحدة فوضعنا له كلمات هي أس عظيم لمن يتدبر، فظن الأستاذ أن قليل علمنا وقف لنا حيث وقف القلم. فإن كان ذلك ظنه وكان ذلك هو الذي حفزه إلى أن يجعل القرآن والأحاديث من التقاليد الموروثة فخير له أن يرد ظنه إلى حيث كان. وإن كان هذا أيضا هو الذي استفزه حين قال أننا كتبنا غيرة منا على (معتقد موروث نخاف فقدانه) فسيعلم أننا ما كتبنا أولا إلا لإقرار الحق في العلم وتزييف العلم الناقص أو العلم الصناعى الذي راج الآن في أسواق الأدب رواج بضائع اليابان في أسواق البزازة. وليعلم أيضا أن هذا (المعتقد الموروث) ليس مما يخشى عليه طوارق الحدثان التي تسمى أساتذة وفلاسفة وكتابا وشيوخا في الأدب في هذا الزمان. وبعد هذا كله سيعلم الأستاذ أيضا أننا لسنا نقلد أحدا فيما نكتب حتى نصبح من المدافعين عن التقاليد، وأن كلامنا عن السجع مما نقضنا