للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولإخوانه التفسير مرتين، مرة في تفسير البغوي، وأخرى في تفسير النسفي. وقرأ لهم صحيح مسلم، وسنن الترمذي والشمائل، وبعض صحيح البخاري. وقرأ لهم في الأصول: جمع الجوامع، وشرح الإسنوى على المنهاج، وقرأ لهم في المنطق: شرح الخبيصى، وشرح القطب على الشمسية، وقرأ لهم في البيان الرسالة البيانية، وقرأ لهم في فقه الحنفية كتاب الهداية على طريقة السلف في استقلال الرأي وحرية الفكر، ونبذ العصبية لمذهب معين. وكثيرًا ما خالف والدُه في هذه الدروس مذهبَ الحنفية عند استعراض الآراء وتحكيم الحجة والبرهان، ورجح ما نصره الدليل الصحيح. وهكذا قال السيد أحمد في ترجمة والده. وقد ظهر أثر والده هذا ظهورًا بينًا في دراسة الشيخ أحمد للحديث، وفي أحكامه التي قضى بها في مدة توليه القضاء بمصر.

وكان لوالده أعظم الأثر في توجيهه إلى دراسة علم الحديث منذ سنة ١٩٠٩، فلما كانت سنة ١٩١١ اهتم، السيد أحمد، بقراءة مسند أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله-، وظل منذ ذلك اليوم مشغولا بدراسته حتَّى ابتدأ في طبع شرحه على المسند سنة ١٣٦٥ من الهجرة (سنة ١٩٤٦ من الميلاد)، كما بيَّن ذلك مختصرًا في مقدمة المسند.

ولما انتقل والده من الإسكندرية إلى القاهرة وكيلا لمشيخة الجامع الأزهر في ربيع الآخر سنة ١٣٢٧ (٢٩ من أبريل سنة ١٩٠٩)، التحق السيد أحمد، هو وأخوه السيد على بالأزهر، فكانت إقامته في القاهرة بدء عهد جديد في حياته، فاتصل بعلمائها ورجالها، وعرف الطريق إلى دور كتبها في مساجدها وغير مساجدها، وتنقل بين دكاكين الكتبية. وكانت القاهرة يومئذ مسترادًا لعلماء البلاد الإسلامية، وكان من التوفيق أن حضر إلى القاهرة من المغرب الأقصى السيد عبد الله بن إدريس السنوسى، عالم المغرب ومحدثها، فتلقى عنه طائفة كبيرة من صحيح البخاري، فأجازه هو وأخاه برواية البخاري، ورواية باقي الكتب الستة. ولقى بها أيضًا الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي، فأخذ عنه كتاب بلوغ المرام، وأجازه به وبالكتب الستة، ولقى أيضًا الشيخ أحمد بن الشمس