(قرى عربية)(رقم: ١٣)، نحو (تيماء) ودومة الجندل، ومدين، وما قارب ذلك (١).
* * *
٥٧ - فمن هذا كله، من الَّذي علقته في هذه الكلمات، وعما أغفلته من الاستنباط والمراجعة، يتبين لي أن أدق تفسير لقولهم (قرى عربية) هو أقدم تفسير، وهو قول الشافعي في ذلك:(هي قرى اليهود بنوها في بلاد العرب، والعرب حولهم، وهي أشراف بلاد العرب، (أي مشارفها)، وهي فدك وخيبر)، وقول الأصمعى، وهو أوضح: قرى عربية، كل قرية في أرض العرب، نحو خيبر، وفدك، والسوارقية، ما أشبه ذلك) (رقم، ٢١، ٢٢) وذلك ما فسّرته آنفًا (رقم: ٥٤).
وظني أن اليهود لما نزلوا أرض العرب، وانساحوا ما بين المدينة والشأم، كانوا يسمون بلاد جزيرة العرب يومئذ "عربية" أي أرض العرب، ثم قالوا للقرى التي سكنوها في مهبطهم من الشأم إلى يثرب "قرى عربية" اسمًا جامعًا، أي قرى أرض العرب، وقولهم (عربية) وهم يعنون بلاد جزيرة العرب، أشبه بأن يكون من كلامهم ونهج لسانهم، وإذ كانوا غرباء على لسان العرب، فقد سموها على سليقة لسانهم بلفظ عربي مستجلب. ثم لما طال عليهم الأمد، وسموا كل قرية باسم أنشأوه أو ورثوه ممن كان معهم من العرب نحو (تيماء) و (دومة الجندل) و (خيبر) و (فدك)، ظل قولهم (قرى عربية) اسما جامعًا لهذه الأرض كلها من شمال المدينة إلى الشأم: ولكن العرب لما جاوروهم وعقدوا بينهم حلفًا، بدأوا يضيقون بهذه التسمية التي تشبه أن لا تكون عربية خالصة
(١) وذكر خليفة بن خياط في تاريخه (المطبوع في بغداد ج ١ ص ٦٢ وفي دمشق ص ٧٢ والمخطوط سنة ٤٧٩ ص ٢٣٨ - في سياق ذكر عماله عليه الصلاة والسلام: وعمرو بن سعيد بن العاص على قرى عربية، خيبر، ووادي القرى، وتيماء، وتبوك، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمرو عليها. اهـ. والنسخة الخطية موثقة ومصححة، وقرأها علماء أعلام. أقول: هذا الهامش علقه الشيخ حمد الجاسر، -رحمه الله-.