الأستاذ إلى المقالين اللذين نشرناهما في الرسالة عدد ٣٤٤ و ٣٤٥ عن محاضرة الدكتور طه، ولو رجع خاصة إلى حديثنا عن (الفن) ما هو، وكيف هو؟ وعن الفنان وعمله في فنِّه -لعرفَ أن دعوتنا كلها مبنيةٌ على تحرير أعمالنا من قيود الماضي والحاضر معًا على أساس من العقيدة والعلم والفضيلة، فلا يُزرِي عندنا بالقديمِ قِدَمه، ولا يُوغل في الجديد جدّته. وإن القول في (القديم والجديد) على اطلاع اللفظ، وجعله لفظًا تاريخيًّا زمنيًّا محصورًا باليوم والسنة، إن هو إلا تلذذ بالكلام كما يتمطق آكل العسل بعد أكله من تَحَلُّب الريق وشَهْوة الحُلْو، ولو كان في هذا العسل السم الناقع.
إن حديثنا عن الفن الفرعوني، وأنه لا يصلح أن يكون شيئًا يستمد منه الفنان في زماننا، لا يمت بصلة إلى الرأي الذي ذهب إليه الأستاذ سلامة موسى في فهم كلامنا، لأننا نظرنا إلى شيء واحد، وهو تحرير الفن من التقليد. ثم معرفتنا أن الفنان لا يستوحى كما يقول الأستاذ سمة من فنون غيره بل إن الفنان عندنا هو القلب النابض الذي يفضى إليه الدم الخاص الذي تعيش به حضارة أمته في عصره، والفن إن هو إلا نتيجة من نتائج الاجتماع الإنساني والطبيعة التي تحتضنه، والعقائد التي تسيطر على الشعب وتملأ قلبه بالإيمان بها والفكر فيها. فإنْ لم يكن الفن ناشئًا من ثَمَّ، فاعلم أنه ليس بفن وإنما هو كذا مضرَّج بتحاسين قوس قزح، وما أسقط الفن الرفيع في زمانه وفي بلادنا إلا أنه نتاج العقول المزيفة بالتقليد والخيال المدلل بالسرقة. وهذا الهمج الهامج من الفنانين والأدباء والشعوب والعلماء أيضًا ممن يعيشون بأدواتهم تحت جناح الليل الأسود وفي ستره، ثم يقبلون على الناس إذا أصبحوا فيقولون أين كنتم؟ يقولون: كنا نستوحي، ثم يخدعون الناس بزيفهم وبهرجهم لأنهم لا يعلمون من أين يأتي هؤلاء هذا الوحي. ولو علموا أنما وحيهم وحي اللص الذي يبدع له المال، وإنما دبيب واستخفاء وحرص، و"طفاشة" تهشم بها أقفال خزائن بعض الناس، يستخرجون كنوز غيرهم ليتنبّلوا بزينتها وجمالها.
الحرية هي أصل الفن كما بينا، وكما هو ظاهر كلامنا وأما الاستيحاء من