للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النيل كله باسم الدولة المصرية برضَى أهل السودان، أو أن يسمى هذا الوادي باسم الدولة السودانية برضى أهل مصر " (١). لذلك انتقد ساسة مصر والسودان الذين قبلوا أن يفصلوا بين قضية مصر وقضية السودان، فقد كان من سياسة بريطانيا قديما أن تمزق وحدة شعب وادي النيل، فأوجدت رجالا يتطلعون إلى مناصب الحكم كما يتطلع الظمآن إلى الماء. وكان من سياسة بريطانيا أن تلاين وتساير حتَّى يصبح السودان شيئًا قائمًا بذاته وقضية منفصلة عن قضية مصر. "وكان من سياستها أن تُغْرِي شهوات قوم من أهل السودان بالحكم أو السلطان، ففعلت، وانقسمت فئةٌ من أبنائه مُضَلَّلين بوعود كاذبة لم تتحقق. وخرجت عن بقية الشعب مؤُزرَةً بالمال فَفَجَرت ومَرَدَتْ، وبريطانيا من ورائهم تنفُخ في نيرانهم حتَّى يأتي اليوم الَّذي يجعلونهم فيه حَرْبًا على بلادهم وهم يظنون أنهم يفعلون لخيرها وفلاحها" (٢). لذلك دعا شعبَ مصر والسودان إلى تأييد الوفد المصري السوداني الَّذي سيَعْرِض القضية المصرية السودانية على مجلس الأمن، وإن لم تجتمع لأعضاء هذا الوفد الصفاتُ التي ينبغي أن تجتمع لوفد مثله، "لأن الشعب المصري السوداني شعب كريم ذكيُّ الفؤاد، تجتمع قلوبُه عند المحنة يدًا واحدة على عدوِّه الباغي إليه الغوائل" (٣). ومن ثم فقد وجَّه نداء إلى السيد المهدي أن يضع يده في يد أخيه السيد الميرغني ويخرجا على بريطانيا مرة واحدة، ويعلنان أن مصر والسودان أُمَّة واحدة، وأن بريطانيا كاذبة فيما ادَّعت علينا وعليهم، وأن لا حياة لأحد الشطرين إذا اقتطع عن صاحبه (٤).


(١) "مصر هي السودان"، مجلة الرسالة، العدد ٧٠٨، سنة ١٩٤٧، ص ١٠٥، المقالات ١: ٣٥٧.
(٢) "قضى الأمر"، مجلة الرسالة، العدد ٧٢٦، سنة ١٩٤٧ ص: ٦٠٨، المقالات ١: ٤٠١ - ٤٠٢.
(٣) نفس المصدر والصفحة.
(٤) "شهر النصر"، مجلة الرسالة، العدد ٧٣٤، سنة ١٩٤٧، ص: ٨٣٦، المقالات ١: ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>