وأنت إلا من هذه الجواري الغريبات المستضعفات؟ ومالك تكذبيني وإنْ عندي من برهانِ ذلك ما لا قِبلَ لك بردّه. قالت ظمياء: بالله! قالت: بالله، فاذهبي إلى صِوَان سيّدك في هذه الغرفة التي إلى جوارنا، وأخرجي من بين المِطْرف السابع والثامن من ثياب مولاكِ ما تجدين!
[قالت كلثم امرأة ابن أبي ربيعة]:
"فهبت ظمياء فدخلت إلى صِوَانك (تعني عمر) فأخرجت شيئًا رجعتْ به إلى صهباء. ثم إذا هي تدخلُ عليّ وتقصُّ قصة ما كان، فأمرتها أن تأتيني بصهباء لأسمع ما تقول، فروت لي كل ما حدثتك به يا أبا الخطَّاب.
(قال عمر بن أبي ربيعة):
"فما تمالكت أن قلت لكلثم: ما تقولين؟ وأي شيء هذا الذي كان بين مطرفي السابع والثامن؟ فقالت كلثم: رُويد يا عمر، إما أن تدعني أتمّ وإلَّا والله لا سمعتَ مني شيئًا حتى يقطَع الموت بيني وبينك. قلت: ويحك، فأتمي.
قالت كلثم: "ثم إني سألت صهباء عن سيدها ومولاها فقالت إنه رجل صالح يسيح في الأرض، وإنه قد جاء فَحجَّ حِجَّتَهُ وهو على سَفَرِه بعد قليل يضرب في البادية حيث يشاء الله. قلت لها: أو يعلم مولاك من أمر ما تحدثيني عنه أكثر مما قلتِ؟ قالت: لا أدري يا مولاتي، فإنه ربما دعاني ويجعل يحدثني ويحدثني حتى أقول لن يَسْكُت، وما هو إلا كخاطفة البرق حتى يقطع فلا يتكلم. فربما عدت فسألته فلا والله ما يزيد على أن ينظر إلي ويبتسم. قلتُ لها: أو تستطيعين يا صهباء أن تأتيني بمولاك، ولك عندي مائة دينار؟ كلا لا نلت من مال مولاتي شيئا، ولكني سأديرُه حتى يأتيك لما أرى في وَجْهك من الخير والسَّعْدِ.