للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأمر مسندًا إلى الدولة المنتدبة (وهي بريطانيا)، وانفسح لحمقى اليهود مجال الدعوى والعمل والتبجح، وألح على العرب دائمًا إجماع الدنيا كلها (أي الديمقراطية) بأن الدولة اليهودية في فلسطين حقيقة ينبغي أن تكون وأن تتم كما أراد الله، فيومئذ يلقى العرب السَّلَم، ولا يزالون مختلفين حتى ينشأ ناشئهم على إلف شيء قد صبر عليه آباؤه، فلا يكون لأحد منهم أدنى همة في تغيير ما أراد الله أن يكون، مما صبر عليه آباؤهم وأسلافهم -وهم عند العرب والمسلمين- أهلُ القدوة.

وفي هذه السنة كتب إليَّ السُّدّى أيضا يقول إنه لقى أحد كبار الدعاة من اليهود، وكان لا يعرفه، فحدثه عن أمر اليهود في فلسطين، فقال له الداعي اليهودي: لا تُرَعْ، فنحن لابدَّ منتهون إلى ما أردنا، رضي العرب أم أبوْا. وما ظنك بقوم كالعرب خير الحياة عندهم النساء، وقد قال نبيهم: "حُبِّبَ إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلتْ قُرَّة عيني في الصلاة"، ولقد سلطنا عليهم بنات صهيون، وهن من تعلم جمالا ورقة وأبدانًا تجرى الحياة فيها كأنها نبع صافٍ يتفجر من صفاة شفافة كالبلَّوْر. وهن بنات صهيون دلال وفتنة، وعطر يساور القلوب فيسكرها ويذهلها ثم يغرقها في لذة يضن المرء بنفسه أن يصحو من خُمارها أو نشوتها، منصرفا عن أمر الدنيا كله لا عن الصلاة وحدها التي جعلت قرة لعين نبيهم. فهن في فلسطين، وهن في الشام، وهن في مصر والعرأق وتونس والجزائر ومراكش، ولولا تلك البقعة العصية التي لا تزال نخشى بأسها على ضعفها وقلتها وفقرها -أعني الحجاز وما جاوره- لقلت لك: لقد قضينا على هذه العرب، وعلى هذا الدين الدخيل الذي سرق منا التوحيد وادعاه لنفسه. . . .

[ثم دخلت سنة ست وستين وثلاثمئة بعد الألف]

ذكر ما كان فيها من الأحداث:

فمن ذلك ماكان من اجتماع ملوك العرب وأمراؤهم ووزراؤهم بعد الحج من