عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين -فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء، أو بين الأرض والسماء- أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو". وكذلك في باب (التشهد في الآخرة) من صحيح البخارى.
ولا تستغرب يا سيدي أيضًا إذا مر بك وأنت تقرأ في مسند أحمد بن حنبل ج ٤ ص ٤٣٩ من حديث عمران بن حصين: "أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، فرد، ثم جلس فقال (يعني رسول الله): عشْرٌ. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد، ثم جلس، فقال: عشرون. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد، ثم جلس، فقال: ثلاثون". أقول: يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عشر حسنات، وعشرين حسنة، وثلاثين حسنة. وكل ذلك بـ (ال) التعريف أيضًا.
ولا تستغرب يا سيدي إذا رأيت في مادة (سلم) من لسان العرب: "ويقال السلام عليكم، وسلام عليكم، وسلام، بحذف عليكم. ولم يرد في القرآن غالبًا إلا منكرًا .. فأما في تشهد الصلاة، فيقال فيه معرَّفًا ومنكرًا. . . وكانوا يستحسنون أن يقولوا في الأول: سلام عليكم، وفي الآخر: السلام عليكم، وتكون الألف واللام للعهد، يعني السلام الأول". ومن هنا أتى من لا يُحسن العربية، وقلّ إطلاعه على كتبها وفقهها -والاستحسان هنا منصبٌ على ما كان في التشهد- فإنه، كما ترى عنى بالأول، ما كان في التشهد، وبالآخر السلام الذي يُخرجُ من الصلاة. وهذا شيء قال به بعض فقهائنا وأئمتنا استحسنوا من عند أنفسهم أو مما روَوا.
ولا تستغرب يا سيدي إذا وقفتَ يومًا على قول الأخفش "ومن العرب من يقول: سلام عليكم، ومنهم من يقول السلام عليكم. فالذين ألحقوا الألف واللام حملوه على المعهود والذين لم يلحقوه حملوه على غير المعهود". ثم عاد فقال: "وفيهم من يقول: سلام عليكم، فلا ينوّن"؛ ثم ذكر العلة فقال "حمل ذلك على وجهين: أحدهما حذف الزيادة من الكلمة كما يُحذف الأصل على نحو "لم يك"، والآخر أنه لما كثر استعمال هذه الكلمة، وفيها الألف واللام،