حماية هذه الأراضي، لأنهم منذ مارسوا حكمها في هذه القرون الطويلة، برهنوا على أنهم جديرون بثقتنا".
وهذا كلام أقل ما يقال عنه إنه كلام رجل مؤرخ عالم بصير لا يدفعه إلى ما يقول هوًى لشيء ولا رهبة لمكروه. فإن غبطة البابا كريستوفورس قد قضى طفولته وشبابه في فلسطين، قد عرف بنفسه شعور اليهود ضد العرب وضد الأرض المقدسة، كما قال متكلم بلسان البطريركية الرومية.
وقد أثبتُّ حديث البطريق الأعظم بتمامه لأنه سوف يصبح وقائله جزءا لا يتجزأ من تاريخ الإسلام، ولأننا نحن المسلمين نحب أن نحمل المنن في أعناقنا فنحافظ عليها ونرعاها وندافع عنها ونجزيها أحسن الجزاء، إن حديث هذا الشيخ الأجل سوف يصير من تاريخنا يرويه أربعمائة مليون عربي ومسلم في مشارق الأرض ومغاربها، وهو حديث يفسر كل ما كنا نقول به من مشايعة الدول الأوربية والأمريكية للصهيونية الفاجرة، قائمة على الصليبية الحمقاء. فهم يحاربوننا حربًا صليبية لا يستثنون فيها مسلمًا ولا نصرانيًّا في الأرض الإسلامية والعربية وقد كان بعض الناس يعيب علينا هذا الرأي، ولكن حديث البطريق الأعظم قد كشف الغطاء عن كل ذلك، ومهد للتاريخ أرضًا جديدة يدرس فيها هذا الصراع بين أهل الشرق العربي الإسلامي من مسلمين ونصارى، وبين الغرب الصليبي من نصارى ويهود. ولكن نصارى الشرق غير نصارى الغرب، فهؤلاء قوم ملئت قلوبهم أحقادًا صليبية مظلمة لا عقل فيها ولا ضمير لها، أما نصارى الشرق فهم يعرفون تمام المعرفة أن نصارى الغرب قوم مفترون جاهلون متعصبون يريدون أن يدنسوا هذه الأرض المقدسة باليهود عداوة للمسلمين غير ناظرين إلا بالعين الصليبية البغيضة، لا بعين الإنصاف والحق كما ينظر نصارى المشرق. وحسبنا هذا البيان من البطريق الأعظم، فإنه حسنة لن ينساها له مسلم إلى أن تقوم الساعة.
وقبل أن أنتهي إلى ذكر الرجل الثالث أحب أن أنبه القارئ، وأنبه قومي العرب في كل مكان، وفي مصر خاصة، إلى أنه ما كاد "يهود مصر" يعلمون