التقسيم ثم يرضى به على مضض، لأنه الخطوة الأولى التي تفضي إلى استيلائهم على أرض بني إسرائيل كلها من الفرات إلى النيل، وأنا لا أظن أن مثل هذا مما يغيب عن الرجل الفاضل العالم أحد أعضاء المجمع اللغوي العربي (١).
وليأذن لنا سيادته أن نذكره بوصية الله لنا في محكم تنزيله إذ يقول:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، فالمسلمون والعرب جميعًا سوف يقاتلون من يقاتلهم من الصهيونيين، أما سائر اليهود فلن يعتدى عليهم مسلم ولا عربي ماداموا في ذمتنا ولا يؤلبون علينا. فهل يأذن سيادته بأن يعلم أن المسألة ليست مسألة سياسية نريد أن نقحم الدين فيها، بل هي مصير العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟ وهل يأذن لنا أن نسأله أن يدفع عن يهود مصر كل شك وريبة بأن يصدر ييانًا صريحًا عن موقف يهود مصر في مسألة التقسيم؟ وهل يأذن لنا سيادته أن نطالبه ونطالب أبناء ملته من يهود مصر بأن يفعلوا فعلا صريحًا واضحًا يدل على أن عواطفهم هي عواطف الأمة المصرية تشعر بشعورها وتتألم بألمها؟ وهل يأذن لنا سيادته أن نقول له إن هذا الذي يجرى الآن ليس "ظرفًا عصبيًا" كما جاء في كلامه، بل هو أوضح من ذلك، هو حرب بيننا وبين يهود العالم وكل من يناصرهم من الأمم، وأنها حرب سوف تستمر إلى أن يستقر الحق في قراره ولو طالت مئة عام؟ أفليس من الحكمة إذن أن يتخلى الحاخام الأعظم عن العزلة التي يريدها لنفسه ويدخل هو وأبناء طائفته في الجهاد الذي كتب علينا نحن العرب من مسلمين ونصارى ويهود لكي ندفع عن بيت المقدس أدناس الصهيونية؟
هذه كلمة مجاهد عربي يتقدم بها إلى الحاخام الأعظم تعليقًا على حديثه الذي سوف يبقى مذكورًا في تاريخ الإسلام والعرب، لم أعمد فيها إلى شرح أشياء أعرفها حق المعرفة، إنتظارا لما يكون من عمل سيادة الحاخام الأكبر. وليعلم سيادته أن الأحداث أسرع من لمحات البرق في السحاب المتراكب،
(١) يشير الأستاذ شاكر -رحمه الله- إلى الحاخام حاييم ناحوم.